مارك ثيسن
كاتب اميركي
TT

أوباما لا يعتذر

لا شيء يقض مضجع الرئيس أكثر من أن يجد أن شعبيته، حسب آخر استطلاع لمنظمة «غالوب»، قد انخفضت إلى ما دون شعبية الرئيس جورج دبليو بوش في أعقاب إعصار «كاترينا». وقد أبدى القليل من الشعب الأميركي اندهاشهم من أنه وبعد أسابيع قضاها في نفي ما وعد به الأميركيين من أنهم سيكون باستطاعتهم الاحتفاظ بخططهم الصحية، فقد نطق الرئيس أوباما أخيرا بهاتين الكلمتين «أنا آسف».
بيد أنه يجب وضع الأمور في نصابها، فأوباما في حقيقة الأمر لم يعتذر.
وبنظرة فاحصة على ما قاله أوباما، يتضح لنا أنه لم يعتذر عن تضليله الشعب الأميركي، كما لم يعتذر لأولئك الذي خسروا خططهم التي وعدهم أنهم سيكون في مقدورهم الاحتفاظ بها. لقد اعتذر فقط عن أنهم لن يكون باستطاعتهم الاستفادة من خطته الخاصة بالإصلاحات الصحية، مما يشكل فارقا كبيرا بين ما اعتذر هو من أجله وما كان يجب عليه الاعتذار لأجله.
لقد قال أوباما: «أنا آسف أنهم، كما تعلمون، سيجدون أنفسهم في ذلك الموقف الصعب بعد أن كانوا قد تلقوا تطمينات مني شخصيا». حسنا، ما هو ذلك الموقف الذي تتحدث عنه يا سيادة الرئيس؟ إنه بالطبع عدم قدرتهم على الوصول إلى المؤسسات الصحية الجديد.
ويضيف الرئيس: «ينبغي أن تضعوا في أذهانكم أن معظم الأفراد الذين تلقوا خطابات تخبرهم بإلغاء ضمهم إلى الخطة الصحية، سيتسنى لهم الحصول على خدمة صحية أفضل بنفس التكلفة أو أرخص قليلا من تلك المتوفرة في المؤسسات الصحية الخاصة.. بالطبع سيجد معظم الناس أنفسهم وقد تحسنت أحوالهم الصحية أفضل من ذي قبل. ولأن الموقع الإلكتروني الذي يرسل الخطابات لا يعمل بشكل جيد، فلم تصل تلك المعلومة لهم بعد».
بالتالي، فلو أنك واحد من الـ4.8 مليون شخص (وربما أكثر) الذين خسروا تأمينهم الصحي، فدعني أهنئك لأن الرئيس أوباما يعتقد أنك أصبحت في حال أفضل، لكنك لا تعرف حتى الآن.
والمشكلة، حسب رواية أوباما، ليست في خسارة الأميركيين لخطط التأمين الصحي المتوفرة لهم أو خسارة خططته الصحية التي كان من الممكن أن يجري توفيرها لهم، بل في موقع الحكومة للتأمين الصحي الذي لا يعمل بشكل جيد، وبالتالي لا يستطيعون إدراك مدى أفضلية خطة أوباما الصحية!
ويبدو اعتذار أوباما، الذي لا يبدو اعتذارا في حقيقة الأمر، كاشفا لكثير من الأمور، حيث إنه يلقي الضوء على ما أثبتته الضوابط التي أقرتها إدارته في عام 2010، والتي تعكس بدورها أمرا مهما وهو أن خطته كان من المتوقع أن تجبر الملايين من الأميركيين على الخروج من سوق الرعاية الصحية الخاصة والدخول ضمن خطة أوباما الصحية. إنه يحتاج الأشخاص الذين يعملون في المؤسسات الصحية، فهم أناس أصحاء ولا يلجأون إلى استخدام خدمات التأمين الصحي كثيرا، وبالتالي فالرئيس يرغب في ضمهم إلى خطته الصحية حتى يدعموا الفقراء والمرضى. فالهدف الرئيس لخطة أوباما الصحية هو الضغط باتجاه عملية لا إرادية غير مترابطة لنقل ملايين الأميركيين من سوق الرعاية الصحية الخاصة إلى المؤسسات الصحية الجديدة.
لكن البيت الأبيض لم يتوقع ألا يعمل موقع الحكومة الإلكتروني بشكل جيد، وهذا ما «أسف» له الرئيس، فهو لم يأسف لخسارتكم خططكم الصحية، ولم يأسف لأنه كذب، بل شعر بالأسف لأنكم لم تستطيعوا الحصول على خدمات خطته للرعاية الصحية.
والآن يواجه أوباما كارثة صنعها هو بيده: ملايين الأميركيين سيخسرون تأمينهم الصحي بداية من شهر يناير (كانون الثاني) ولن يستطيعوا تحمل نفقات الحصول على غطاء صحي بديل. ولهذا فقد لمح أوباما إلى «حل» مقترح وهو توفير أقساط دعم يتحمل نفقاتها دافعو الضرائب للأشخاص الذين سيخسرون تأمينهم الصحي.
* خدمة «واشنطن بوست»