طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

حتى في المقالب «خيار وفاقوس»

عدد ممن شاركوا في برنامج رامز جلال وعلى مدى المواسم السبع عندما ألتقيهم يقولون لي إن الأمر لم يكن خدعة ولا «دياولو»، وكل التفاصيل متفق عليها. البعض يتحدث أيضا عن المبلغ المغري الذي لم يستطع مقاومته، ولكن في النهاية يطلب مني أن أحتفظ بهذا الكلام لنفسي ولا أنسبه إليه لأنه سر.
ما الذي دفع شاروخان إذن إلى أن يعلنها صريحة مجلجلة، بأنه اتفق على تلك اللعبة، حيث فضح مدير أعماله في بيان تم تداوله في كل الصحف العربية كل التفاصيل الخاصة بالبرنامج، هل ما هو حلال على شاروخان حرام على نجومنا العرب. لقد اعتبر بعض قصيري النظر أن هجوم شاروخان على رامز، وركله وضربه وإهانته يعني إهانة للمصريين، وهو ما ينطبق أيضا على وائل كفوري أو الشاب خالد.
ما هي علاقة مصر أو الهند أو لبنان أو الجزائر، بفنان يلعب لعبة، من حقك أن تراها سخيفة، وتلك هي قناعاتي أيضا، ولكن هذا لا يمس من قريب أو بعيد هيبة وسمعة الدولة.
كتبت بعد عرض الحلقة مباشرة على صفحات «الشرق الأوسط» في باب «يوميات الشرق» أن النجم العالمي شاروخان، لا يتحرك بمفرده، هناك مؤسسة تدرس كل التفاصيل المادية والأدبية والقانونية، ويجب إخباره بالمقلب وطبيعته، وإلا فإن هناك مبلغا تعويضيا ضخما تدفعه القناة المنتجة لو أخلت بأي شرط، ولهذا فإن من المنطقي أنه لم يقع في المقلب، كان واضحا أن الاندماج هو الذي يدفعه لكي يزيد من شحنة الشتائم والركل التي انهال بها على رامز حتى يصدق الناس، ولكن ما الذي دفعه لإعلان الحقيقة.
أتصور أنه نما إلى علمه هو وفريق العمل أن هناك اتهاما يتردد في «الميديا» بأنه أساء لسمعة مصر، كما أشاروا إلى أنه تقاضي 400 ألف دولار زادها البعض إلى مليون، فاضطر للتوضيح بإعلان أن الرقم ليس دقيقا، وبالطبع لم يقل ما هو الصحيح، يبدو أنهم في الهند أيضا يعملون للحسد ألف حساب.
هناك اتفاق مسبق مع فريق البرنامج لكل المشاركين، بأن إعلان تلك الحقيقة على الملأ سوف يقلل من اهتمام الجمهور، أقصد هكذا يظنون، لأن التجربة أثبتت أن متعة الجمهور ليست في أن يخدعه رامز، ولكن في أن يشارك في التواطؤ ويصدق ما يراه. كل شيء يكاد يقسم لك أن اللعبة محددة بدقة، راجع قبعة النجمة نادية الجندي، ونظارة المخرجة إيناس الدغيدي، هل في عز الأزمة والاقتراب من الموت تظل القبعة صامدة على رأس نادية الجندي، بينما النظارة لا تغادر وجه إيناس، المعروف أن نادية الجندي هي أكثر نجمة ربما في العالم كله تحرص في كل أفلامها على أن تستبدل في الفيلم الواحد من 10 إلى 20 قبعة، حتى صارت من معالمها مثل «كاسكتيه» الكاتب الكبير توفيق الحكيم.
الجمهور ليس سلبياً في التلقي كما يبدو للوهلة الأولى، بل هو يلعب دورا إيجابيا في كل الحلقات، فهو يخدع نفسه بنفسه ولصالح نفسه حتى يكمل اللعبة للنهاية، ويحقق متعته، ويشاهد الفنان في لحظة انفلات أعصاب بعيداً عن الصورة النمطية التي يصدرها لنا، ولكن حتى في هذا الحدود ستجد مثلا أن شاروخان حرص على أن يبدو رابط الجأش متماسك الأعصاب. ويظل السؤال، لماذا سمحوا لشاروخان بفضح اللعبة ولم يسمحوا بالمثل لكفوري أو الشاب خالد. يبدو أنه حتى في برامج المقالب هناك «خيار وفاقوس»!!