حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الإعلام الإخوانجي

جدد الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي موقف بلاده من تنظيم الإخوان المسلمين، وأوضح شكوكه تجاه هذه الحركة، ومعاداتها للسعودية بشكل ممنهج.
السعودية تدرك تماماً خطر هذه الحركة، ولديها أدلتها الكافية منذ عقود من الزمان، والتنظيم يُعدّ لأهدافه في المنطقة بشكل سري وعلني، ولديه ماكينة إعلامية مهولة تدعمها دول في المنطقة بشكل عجيب، وفي حالات كثيرة يبدو لي جلياً أنهم هم أول من اخترعوا ظاهرة الأخبار الكاذبة التي تتحدث عنها هذه الأيام وسائل الإعلام المختلفة وتحذر منها بشدة.
أتابع بكل تعجب حجم التغطية التي توليها محطات فضائية معروفة بتأييدها الشديد لنظام الإخوان المسلمين والرئيس المخلوع محمد مرسي، فهي تواصل اتهام نظام الحكم في مصر بأنه «نظام الانقلاب»، وعند سؤالك لهم: «لماذا تدافعون بكل هذه القوة عن الإخوان المسلمين؟»، يأتي الجواب: «نحن لا ندافع أبداً عن (الإخوان)، ولكن ندافع عن الديمقراطية»، وهذه الجملة من الممكن ألا تكون مضحكة بشكل هستيري، لو أتت من حزب العمال في بريطانيا، أو من إحدى منظمات الحقوق المدنية في السويد مثلاً.
ويتعامل هذا الإعلام الإخواني مع مسألة الرئيس المخلوع محمد مرسي بشكل مهووس، حتى أصبح الخطاب العدائي لمصر يستحوذ على مساحة توازي أربعة أضعاف التغطية السلبية بحق إسرائيل نفسها.
الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين تحول إلى خطاب فيه تهديد للأمن الوطني السعودي، فهذه المحطات الإعلامية لديها نسختها الإنجليزية أيضاً، التي لا تهدأ في نقد الموقف السعودي، خصوصاً في اليمن، فتوجه دوماً الانتقادات تلو الأخرى، ودائما ما يأتون بضيوف من منظمات يمينية متطرفة في واشنطن من أصول إيرانية لإبداء الرأي في تلك المسألة.
الخطاب الإعلامي الإخواني يعمل بهمة ونشاط لإحداث الشرخ في العلاقة بين السعودية ومصر، والسعودية والإمارات، وهذا الخطاب الإخواني ومن يقف وراءه أسهم في تأزيم القتال في سوريا، والاقتتال البيني ضمن الثوار أنفسهم، وما يشنعه من «تكفير» للآخرين وعدم «إخلاص نياتهم».
هذا الخطاب الإعلامي الإخواني ليس مجرد «فشة خلق»، ولكنه خطاب ممنهج ضمن مشروع خطير وخبيث ترعاه دول في المنطقة، مع عدم إغفال أدوار خفية خارجية أخرى.
الإخوان المسلمون يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم (كاعتقاد «حزب الله») وبالتالي هم الأحق بالدين، وهم الأحق بالسلطة، وهي فتنة تدفع ثمنها المنطقة منذ أكثر من 80 عاماً بأشكال مختلفة ودموية. السعودية تعلم جيداً مَن هم حلفاؤها، ومن هم أصدقاؤها، ومن هم محسوبون عليها تكملة عدد وجب الحذر منهم.
الإعلام الإخوانجي يفضح نفسه، ويفضح داعميه، وفي هذه نعمة عظيمة.