مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الدعوة {للسيراميك}

قرأت للكاتب والباحث (محمد بن عبد الله الحمدان) ملاحظاته على بعض المساجد، وفيها:
1 - تكوّم المتسولات وأطفالهن عند باب المسجد، والأطفال يلعبون الكرة بأحذية المصلين.
2 - ليس بها رفوف للأحذية المنتشرة عند بابه.
3 - أحواض الزهور الموجودة في جداره يستعملها بعض المصلين لوضع أحذيتهم بها، كذلك يستخدمون شبابيك المسجد لهذا الغرض. ويمضي قائلا:
كتبت لإمام المسجد بهذا ورجوته الاتصال بي لأتمكن من معرفة المسؤول عن المسجد من قبل الوزارة، فلم يتصل بي، ومضت عدة أشهر لم يُحرَّك ساكن في المسجد.
فلم يتبق إلا أن أذهب للوزارة أو أكتب في الجريدة لعل وعسى، وها أنا ذا فعلت، ويا مسهل – انتهى.
وأقول للأستاذ محمد: أن يلعب الأطفال الكرة بالأحذية أهون عندي من أن يأتي أحد اللصوص ويسرقها، كما فعل لص ظريف عندما سرق كل أحذية المصلين في أحد مساجد عمّان في يوم امتلأت فيه الشوارع بالثلوج، وذهب بالغنيمة سالماً.
بالنسبة لي أن يلعب الأطفال الكرة بحذائي أهون على قلبي من أن أذهب إلى بيتي حافياً.
ونسي الكاتب القدير ملاحظة أهم من ذلك كله، وهي القذارة في أغلب المساجد، وكذلك من بعض المصلين الذين لا يتورع أحدهم من أن يدخل للمسجد بثوب نومه (المزيت)، وعندما أبديت هذه الملاحظة لأحدهم قائلا له: (النظافة من الإيمان)، فما كان منه إلاّ أن ينهرني قائلا: هذا ليس بحديث صحيح. فسكتُّ!
سبق لي ما تمنيته وكتبته، وها أنا ذا أعيد أمنيتي قائلا: يا ليت كل أرضيات المساجد تكون ببلاط (السيراميك) الذي يسهل غسله وتعقيمه يومياً، بدلا من ذلك الفرش الممتلئ بالعفونة والميكروبات، ولا أذكر أنني سجدت على جبهتي إلاّ ووضعت طرف شماغي حائلا بيني وبين ذلك الفرش، مع كتمي لأنفاسي بطبيعة الحال.
وإذا كان هناك أحد خائف على ركبته (الكريستالية) من التفتت، فليحضر معه سجادة ويصلي عليها، وليس أي من مساجد الدنيا بأطهر من مطاف المسجد الحرام المفروش (بالرخام)، وإذا حان وقت الصلاة كبّر المصلون، ولم نجد أن أحدهم قد شكا يوماً من قساوة الرخام!!
إن المولى عز وجل قال مخاطباً المؤمنين: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، فهل هناك زينة تكون دون نظافة؟!
المسألة كلها وبرمتها هي (صحيّة) بالدرجة الأولى، فلا يكفي أن نبالغ بزخرفة المساجد (وتحت السواهي دواهي).
ويعلم الله أنني لا أقول ذلك إلاّ من بالغ حبي وغيرتي على نظافة المساجد، فليس عندي متجر (للسيراميك) أطمع في زيادة مبيعاته. وبيني وبينكم: يا ليته عندي...