مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ما أسخف (الفلسفة) الغبية

خطب (المغيرة بن شعبة) وفتى من العرب امرأة وكان الفتى جميلاً فأرسلت إليهما المرأة فقالت: إنكما قد خطبتماني ولست أجيب أحدًا منكما دون أن أراه وأسمع كلامه، فاحضرا إن شئتما، فحضرا فأجلستهما بحيث تراهما وتسمع كلامهما، فلما رآه المغيرة ونظر إلى جماله وشبابه وهيئته يئس منها، وعلم أنها سوف تؤثره عليه، فأقبل على الفتى يسأله: لقد أوتيت جمالاً وحسنًا وبيانًا فهل عندك سوى ذلك؟ قال: نعم، فعدد محاسنه ثم سكت، فقال له المغيرة: كيف حسابك؟ قال: ما يسقط عليّ منه شيء وإني لأستدرك منه أدق من الخردلة، فقال له المغيرة: لكنني أضع البدرة في زاوية البيت فينفقها أهلي على ما يريدون، فما أعلم بنفادها حتى يسألوني غيرها، فقالت المرأة: والله لهذا الشيخ الذي لا يحاسبني أحب إليّ من هذا الذي يحصي عليّ مثل حبة الخردل، فتزوجت المغيرة - انتهى.
وعنها ما كانت من زيجة، حيث إن تلك المرأة التي رفضت ذلك الفتى الجميل البخيل، وآثرت عليه ذلك الرجل العجوز الكريم، لم تكن تعلم أن لديه زوجة في عمره، ولكي تشببه الفتاة راحت تنتف من لحيته كل شعرة بيضاء، وقابلتها زوجته (العودة)، وأخذت بدورها تنتف بحماس كل شعرة سوداء من لحيته، حتى تركتاه في النهاية (أمعط) - أي أمرد أجرد من كثرة النتف - وأصبح المسكين أضحوكة في قومه.
وصدق من قال: إن الشباب ما هو إلاّ مظنة الجهل، ومطية الذنوب، وشعبة من الجنون.
وأصدق منه (قيس بن عاصم) الذي قال: «الشيب خطام المنية».
ولو أن تلك المرأة الشابة قد شاورتني، لقلت لها دون أي تردد: عليك بمن هو في عمرك حتى لو زدتِه جنونًا فوق جنونه.
وماذا تريدين بعجوز سوف يغمك طوال الليل بشخيره وزفيره؟!
ولكن ماذا أقول عن (وسخ الدنيا) - أقصد (المال) الذي يعمي العيون البصيرة، وتتهافت عليه النساء مثلما يتهافت الذباب على قرص العسل؟!
وها هي سيدة البيت الأبيض الحالية (ميلانا ترامب) عارضة الأزياء الشابة والتي قدمت من (سلوفينيا) كمهاجرة عام (1996)، وتعرفت على ترامب ولم تأخذ الجنسية إلاّ قبل سبع سنوات، ومات هو (بدباديبها) - أو بمعنى أصح هي التي ماتت بدباديبه - ليس من أجل جماله بكل تأكيد، ولكن من أجل جمال ملياراته، وضربت بعرض الحائط كل وسامات الشباب، لا وفوق ذلك هي (فحّجت) على البيت الأبيض وكل من فيه، وما زالت تقول عن ترامب: (إنه يتلفظ كصبي).
ولا أدري ماذا أقول: هل هي بنت أبيها فعلاً، أم أن أمها (داعية لها)، أم أنها من شطارتها عرفت كيف تلعب؟!
إذن إنني في هذه الحالة (ألحس) كل كلامي السابق عن الشباب، آه ما أسخف (الفلسفة) الغبية.