زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

«ناسا» تكتشف أهرامات مصرية!

أعلن موقع «ديلي غالاكسي» الأميركي أن مناظير الفضاء الخاصة بوكالة «ناسا» لعلوم الفضاء المحملة على الأقمار الصناعية الخاصة بالوكالة، عثرت على ما يحتمل أن يكون أهرامات مدفونة تحت الرمال. وأضاف الموقع أنه من خلال الأقمار الصناعية حدد علماء آثار وجود 17 هرمًا مدفونة على عمق كبير تحت مدينة مصرية تسمى تانيس بنيت في عهد الفراعنة.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية أيضًا هياكل مفقودة وأكثر من ثلاثة آلاف مبنى وأكثر من ألف مقبرة. وقالت وكالة الفضاء «ناسا» إن الأقمار الصناعية تستخدم أشعة تكشف الطبقات الأكثر عمقًا في الأرض. وجاء تعليق على لسان باحثة المصريات سارة باراك أن الأقمار الصناعية التي تستخدمها الوكالة الأميركية باستطاعتها أن تصل إلى أعماق تقدر بمئات الأميال؟! بل وتستطيع أن ترى ما هو مدفون من جثث وودائع وعتاد جنائزي داخل المقابر المدفونة أسفل الرمال؟! وتستطيع أن ترى ما هو موجود داخل الأبنية! وأضافت السيدة سارة أن ما عثر عليه من أجسام منها ما يحتمل أن يمثل هرمين وأنها - على حد قولها - تتحفظ على لفظ أهرامات إلى أن تثبت الحفائر الأثرية صحة ذلك.
كان هذا هو ملخص الخبر، ويبدو أن سارة باراك تسير على نهج الباحث الإنجليزي نيكولاس ريفز عندما استعمل اسم الملكة الجميلة نفرتيتي، وقال إن مقبرتها تقع خلف الجدارين الشمالي والغربي لمقبرة توت عنخ آمون بوادي الملوك بالأقصر. ويومها انقلبت الدنيا ونشر الخبر في كل مكان! وكانت المرة الأولى التي أرى فيها طوال حياتي في الآثار أن فكرة تتحول إلى كشف أثري خطير. وللأسف الشديد يوجد بيننا أشخاص يسهل الضحك عليهم ولا يترددون في السير خلف ما يقوله الخواجة بدعوى أنه، أي الخواجة، يعرف أكثر منا! لقد أعلنت السيدة سارة أن المباني الدفينة هي أهرامات ثم عادت لتقول إنها ستنتظر إلى أن تقوم بعمل الحفائر قبل أن تسميها أهرامات؟
وتقع مدينة تانيس الأثرية بشرق الدلتا وتعرف حاليًا بـ«صان الحجر»، وهي جزء من عاصمة الفراعنة خلال عصر الرعامسة والعصر المتأخر. والواضح هو أن سارة باراك تريد أن تحصل على تصريح بالحفر في تانيس التي يعمل بها كثير من البعثات الأجنبية، وعثر فيها على كثير من الاكتشافات المهمة منها العثور على الجبانة الملكية للأسرتين 21 و22 اللتين حكمتا مصر منذ ثلاثة آلاف سنة؛ وقد اتخذوا تانيس مكانًا للدفن عثرت على مقابرهم كاملة مثل مقبرة توت عنخ آمون؛ وداخل هذه المقابر عثر على أقنعة ذهبية وآثار فضية تؤكد أهمية الموقع وثراءه.
وهنا لا بد من التأكيد على حقيقة أثرية مهمة جدًا، وهي أن موقع تانيس الأثري لا يمكن أن تكون به أهرامات على الإطلاق لاختلاف نظام الدفن في ذلك الوقت عنه في عصر بناة الأهرامات خلال الدولتين القديمة والوسطى! أمر آخر هو أننا لسنا بحاجة إلى «ناسا» لترسل لنا صورًا من الفضاء تؤكد وجود آثار في تانيس، فطالب الآثار بالسنة الأولى يعلم أن تانيس منطقة أثرية. والقول بأن تانيس تحتها آثار كالقول إن البحر به سمك! للأسف مثل هذه الأخبار لا تؤدي إلى شيء ولا توجد أهرامات بتانيس... والشيء الوحيد الجيد من الخبر هو الإثارة، وجعل اسم مصر في كل مكان بالعالم... بلد الآثار والأسرار.