فيليب هاوارد
TT

بيروقراطية حمقاء

شكا الرئيس المنتخب دونالد ترامب على قناة «فوكس نيوز» مؤخرا من انتظار الذين يسعون للحصول على تصريح الحكومة أحيانًا «في صف طويل لمدة 15 عامًا»، وأحيانًا تكون النتيجة هي الرفض، وتعهد بتحفيز خطى هذه العملية. وسيحتاج من أجل النجاح في ذلك إلى نهج جديد في الحكم. لقد تعهد كل رئيس أميركي بداية من جيمي كارتر بمنع الإجراءات غير اللازمة، لكن آلة الروتين كانت عصية على كل محاولات السيطرة عليها.
تتلخص فكرة ترامب في إرساء قاعدة تقوم على إقرار إجراء جديد مقابل إلغاء اثنين. وطبقت بريطانيا بروتوكولاً مماثلاً عام 2010 للتخلص من اللوائح غير الضرورية، وقامت بتوسيع نطاق العملية مؤخرًا بحيث يتم إقرار إجراء جديد مقابل التخلص من ثلاثة. ويأتي هذا في إطار محاولة بريطانية أكبر للسيطرة على بطء إيقاع اللوائح، وقد حققت نجاحًا متواضعًا. ويأتي فرض انضباط مماثل على اللوائح الأميركية الجديدة متأخرًا كثيرًا، فعلى مدى الخمسين عامًا الماضية كان نهج واشنطن مثل وضع طعم للقضاء على الصراصير، حيث تم إضافة لوائح لكن دون إلغاء لوائح مقابل ذلك. ولكن لا يعد الإصلاح بالإضافة كافيًا.
لقد أخفقت الشخصيات الإصلاحية التي استهدفت الإجراءات الروتينية، لأنهم افترضوا أن المشكلة تكمن في المدى، وأن هناك عددًا كبيرًا جدًا من القواعد واللوائح. ودخل الليبراليون غابة الروتين مسلحين برماح تشذيب، ووجدوا أنفسهم متشابكين مع المنطق الداخلي لهذه القواعد. وحظي المحافظون بالتشجيع نظرًا لمطالبتهم بإلغاء اللوائح، لكن عندما يحين وقت الجد، لا يرغب الناخبون في شرب مياه ملوثة، أو تناول طعام فاسد، أو وضع أحبائهم تحت رعاية غرباء لا يخضعون للإشراف في مراكز الرعاية الصباحية، ودور الرعاية. لهذا السبب ازداد حجم اللوائح، بدلا من أن يتقلص، خلال العشرين عامًا التي امتدت من حكم ريغان وشملت فترتي رئاسة جورج بوش الابن.
ما لم ينتبه إليه الإصلاحيون هو أن إخفاق اللوائح لا يتعلق بكثرة اللوائح فحسب، بل سببه الفلسفة المعيبة التي تحكم كيفية ضبط الأمور.
لهذا السبب كثيرًا ما يصل عدد صفحات كتيبات اللوائح إلى ألف صفحة، في الوقت الذي يبلغ فيه عدد صفحات الدستور 15 صفحة فقط. التصدي للشر ومنعه بكل هذه الطرق القانونية ما هو إلا سلطة بشرية. فقط من خلال جلد بعضنا بعضًا بقانون تفصيلي يمكن للسياسيين الليبراليين والمحافظين ضمان أن الطرف الآخر لن يقترف خطأ.
مع ذلك يتم جلد المواطنين العاديين في مجتمعنا الحر بتلك القوانين الحمقاء.
يجب أن تكون آلية التفعيل لكل عملية اختيار عامة مسؤولية بشرية؛ فالشيء الصالح هو ما ينفع. صحيح أن مراجعة التأثيرات البيئية فكرة جيدة، لكن من الحماقة إهدار عقد من الزمان لتأليف مجلدات من 5 آلاف صفحة تضاعف تكلفة المشروعات، وتحدث ضررًا على البيئة من خلال إطالة فترة التلوث.
لقد استعاضت أستراليا عن لوائح تنظيمية مكثفة خاصة بدور الرعاية بتطبيق 31 مبدأ عامًا منها توفير بيئة تشبه المنزل. وفي غضون فترة زمنية قصيرة تحسنت أوضاع دور الرعاية في مختلف أنحاء أستراليا على نحو ملحوظ لأن، بحسب ما أشارت الدراسات، مقدمي الرعاية قد شعروا بحرية التركيز على ما يحتاجه النزلاء بدلا من التقيد طوال اليوم بكتاب للقواعد.
إعادة بناء الكيان الفيدرالي الضخم هدفًا طموحًا يتضمن خطرًا مثلما يتضمن فرصة. مع ذلك هل نملك الخيار؟ لا يدافع أحد بجدية عن أوجه القصور في النظام الحالي. لقد سئم الأميركيون من سيطرة البيروقراطية الحمقاء عليهم. لقد فشل الرؤساء الستة السابقون في تقليص الإجراءات.
الجانب الإيجابي لهذا الأمر هو التحول؛ فقد تعطل كل برنامج فيدرالي تقريبًا، مع سؤال واحد يظل بلا إجابة عن الكمّ. هل ينبغي أن تدفع تكلفة الالتزام بقانون دود - فرانك بالمصارف الصغيرة نحو أحضان المصارف الكبرى؟ هل ينبغي أن تمنع القوانين الخاصة بالسلامة الأطفال من تشكل طبيعي؟

* خدمة «واشنطن بوست»