محمد العريان
أقتصادي مصري- أمريكي
TT

لا تتجاهلوا تقرير الوظائف

من المرجح أن يكون تقرير الوظائف عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقرر إصداره، الجمعة، سيئًا للدرجة التي تجعل «لجنة السوق المفتوحة الاتحادية» تتخذ إجراء ربما يخلق اضطرابا في السوق ويجعلها تمتنع عن رفع سعر الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي. فمن المتوقع أن تؤيد البيانات ما سبق أن حددته أسواق الدخل الثابت فيما يخص سعر الفائدة عن السندات البنكية قصيرة الأجل.
وربما يشمل التقرير أيضًا بعض التوقعات المستقبلية التي قد تساعد في تسليط الضوء على سياسات تحديد سعر الفائدة. فمنذ آخر لقاء لـ«لجنة السوق المفتوحة الاتحادية» التي انعقدت في بداية نوفمبر الماضي، قد اتجه ميزان المخاطر على الاقتصاد الأميركي للارتفاع فيما يخص النمو والتضخم، وقد تزامن هذا مع مؤشرات على مزيد من القوة في سوق العمل التي اقتربت كثيرًا من درجة «التوظيف الكامل» ومن أسواق المال التي تعمل أو تقترب من الارتفاعات القياسية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الرياح الاقتصادية والمالية المعاكسة الآتية من الخارج قد ضعفت بدرجة كبيرة.
ولذلك لن تكون مفاجأة أن الأسواق استعدت لاحتمال ارتفاع سعر الفائدة لشهر ديسمبر الحالي بصورة شبه مؤكدة، على الرغم من الريح الناتجة عن الاستفتاء الشعبي المقرر إجراؤه في إيطاليا في الرابع من الشهر الحالي. في الواقع، من دون حدوث تشويش كبير على المستوى الأوروبي، فإن تقرير التوظيف لشهر نوفمبر سيمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي بدرجة مهولة من رفع سعر الفائدة للمرة الثانية خلال عشر سنوات.
وما أقصده بكلمة «مهولة» هو مزيج من نسب توظيف شهرية منخفضة (أقل من 50 ألفًا)، وتراجع كبير في مراجعة بيانات التوظيف للشهور السابقة، وإعلان زيادة الدخول السنوية بنسبة أقل من 2 في المائة، ومعدل مشاركة يزيد على 0.3 في المائة، جميعها تشير إلى استمرار حالة التباطؤ الكبير في سوق العمل.
من المحتمل حدوث هذا المزيج في ضوء المعلومات المتاحة عن حالة الاقتصاد من خلال مؤشرات أخرى توفرت مؤخرًا، منها بيانات الأسبوع الحالي عن عاطفة المستهلك، وإجمالي الناتج المحلي للربع الثالث من العام، و«مؤشر مديري مشتريات شيكاغو». الأمر المرجح أيضًا هو أن يعزز تقرير الوظائف التوقعات القوية والواسعة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحرك سعر الفائدة خلال أسبوعين.
وإن كان هذا لا يعني أن تقرير الوظائف السنوي فقد قدرته على التأثير في تحديد السياسات وسعر السوق. ورغم أن توقيت رفع سعر الفائدة المقبل يحمل بعض الغموض، فما سيحدث لاحقًا لا يزال غير مؤكد أيضًا.
وعلى الرغم من الزيادة الأخيرة في العائدات، فلا تزال الأسواق تتوقع مزيدا من الزيادة في سعر الفائدة بسرعة أقل من تلك التي تطبق ما يعرف بـ«النقاط الزرقاء» لبنك الاحتياطي الفيدرالي التي تشير إلى توقعات أعضاء «لجنة السوق المفتوحة». وسواء حدث التقارب أم لا (وفي أي تاريخ يحدث ولأي مستوي سيصل) فسوف يتحدد ذلك وفق توقعات التضخم، وسوف يتأثر ذلك بدرجة كبيرة بشدة سوق العمل، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بزيادة الأجور.
على الأقل، فقد استبعدت بعض التوقعات والإثارة من تقرير البيانات الصادر في الجمعة الأولى من الشهر، فلا تنخدع بذلك. ولا يزال تقرير الوظائف أداة مهمة لتحديد مستقبل السياسة المالية.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»