جيم أونيل
الرئيس السابق لشركة غولدمان ساكس لإدارة الأصول
TT

كيف نطلق الإمكانات الاقتصادية الهائلة لأفريقيا

خلال العام الماضي قمت بزيارة نيجيريا ثلاث مرات - أكثر مما سافرت لأي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة. ويمكنني القول إن نيجيريا تمتلك بالفعل طاقات كامنة تؤهلها لتحقيق نجاح متميز.
وقد ذكرت بعض الأسباب لهذا الأمل عندما رشحت هذه الدولة لتكون الدولة الحادية عشرة بين الاقتصادات الناشئة - الدول التي تمتلك عددا كبيرا من السكان واقتصاديا بكرا، قادرة على اتباع المسار الذي انتهجته مجموعة بريك (البرازيل وروسيا والهند والصين). وأخيرا، قمت بتسليط الضوء على أربع من بين الدول الإحدى عشرة، وهي دول MINT (الأحرف الأول لدول المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا).
وقد أعادت نيجيريا هذا الأسبوع ضبط إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي، فأضافت إليها الصناعات التي غفلت عنها في السابق مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ووفق القواعد الجديدة فقد وصل إجمالي الناتج المحلي إلى نحو 500 مليار دولار في عام 2013 - وهو ما يجعل من نيجيريا الاقتصاد الأضخم في أفريقيا.
وبموجب هذه المعيار الجديد، تمثل نيجيريا 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومعروف أن الناتج السنوي لأفريقيا ربما يصل إلى تريليوني دولار مقارنة بالهند وروسيا، لكن المنطقة تنمو بشكل جيد، وتتمتع بمقدرات هائلة. وتضع الحكومة النيجيرية هدفا بأن تصبح بين أضخم 20 اقتصادا على مستوى العالم بحلول 2020، وأعتقد أن هذا قد يتحقق في غضون الفترة القليلة القادمة، لكني أعتقد أنها قادرة على أن تكون ضمن أقوى 15 اقتصادا بحلول عام 2050.
وفق هذا السيناريو، يجدر بنا أن نتذكر أن عدد سكان نيجيريا في هذا الوقت سيقارب نسبة 20 في المائة من سكان قارة أفريقيا، وسيضيف نمو نيجيريا القوة لباقي دول القارة. وبحلول منتصف القرن الحالي، يتوقع أن يبلغ اقتصاد أفريقيا قريبا من نحو 10 أضعاف ما هو عليه اليوم. هذا النوع من النمو سيخفض أعداد الفقراء في القارة.
هذا الأمر ممكن الحدوث، لكن ينبغي على القادة الأفارقة أن يتساءلوا عما إذا كان التقدم الذي شهده اقتصاد المنطقة وازدياد رغبة المستثمرين الأجانب يعود الفضل فيه إليهم أم إلى عشر سنوات من أسعار السلع والسياسات المالية الداعمة المذهلة في الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى التي دفعت المستثمرين إلى البحث في كل مكان عن عوائد جيدة. وقد تحولت البيئة الخارجية إلى بيئة أقل صداقة بالفعل. فالنمو الصيني يشهد تباطؤا، وانخفضت أسعار السلع وخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من شراء السندات. ولذا ركزت أفريقيا، كما هو الحال بالنسبة للدول النامية، جل اهتمامها على السياسة الداخلية.
وعلى عكس كل ما يمكنك سماعه، يميز المستثمرون بين الدول التي تستطيع مواجهة مثل هذه التحديات والأخرى التي لا تستطيع ذلك. والقوة الحالية للأسواق المالية في الهند وإندونيسيا تعكس، في جانب منها اعترافا بجهود هذه الدول للتعامل مع التوازنات الخارجية وازدياد التضخم.
وبعد عدة سنوات من الأداء البالغ القوة، أصيبت أسواق الأسهم النيجيرية بالوهن مؤخرا، ربما لا يعدو ذلك كونه مجرد تصحيح للأداء، لكن النزاع بين الحكومة ولاميدو سانوسي، المحافظ المتميز لبنك نيجيريا المركزي، أثر سلبا على أداء الاقتصاد (تم توقيف سانوسي بعد ادعائه سوء إدارة شركة النفط المملوكة للدولة، حيث بدا واضحا فقد مليارات الدولارات من العائدات النفطية. وقد حكمت له إحدى المحاكم هذا الأسبوع بتعويض في القضية التي رفعها ضد الحكومة).
على المدى البعيد، يتوقع أن تهيمن التركيبة السكانية إلى جانب ثلاثة عوامل أخرى؛ الأولى هي التيسير الذي تستطيع من خلاله التكنولوجيا الحديثة (مثل اتصالات الهواتف الجوالة) تغيير الموقف. الأمر الثاني هو رغبة الشباب الطموح للسفر للخارج من أجل التعليم في جامعات النخبة في أوروبا والولايات المتحدة والعودة للحصول على فرص أفضل في بلادهم. والأمر الثالث هو الطاقة المذهلة، والإبداع والمهارة التي يتحلى بها الكثير من الأفارقة.
هذه الأمور بحاجة إلى دعم حكومة أفضل. وهنا أقدم اقتراحا متواضعا للوزراء الأفارقة ومسؤولي ورؤساء الشركات؛ ينبغي عليكم الحضور إلى الاجتماعات في المواقيت المحددة، فهذا النوع من الأشياء ليس صعبا لكنه يعطي انطباعا جيدا.
الأمر الثاني هو العثور على سبل لجعل مؤسسات السياسة الاقتصادية أكثر استقلالية وشفافية وأمانة. وهذا يجب أن يكون مضاعفا في البنوك المركزية. وأن تضع هذه الدول على رأس أولوياتها تعزيز التجارة بين الدول المتجاورة مع بقية المنطقة بدلا من إحياء العداءات القديمة. وتأتي التجارة الدولية كأحد أفضل السبل للنجاح، ويمكن للقارة تحقيق نجاحات أكبر بسهولة هنا. وأخيرا، وربما يكون الأمر الأكثر أهمية، نشر تعليم أساسي أكثر جودة. فالنخبة التي تلقت تعليما جيدا لا تكفي بمفردها.
وقد قمت ببعض الأعمال لمنظمة «التعليم للجميع»، وهي شبكة من المؤسسات الاجتماعية التي تهدف إلى توسيع فرص التعليم. وخلال القمة الاقتصادية النيجيرية الأخيرة، أعلن عن مبادرة «التعليم لنيجيريا»، وكان ذلك نبأ سارا بالنسبة لي. فليس لإقليم أو دولة أن تستفيد من طاقاتها الكامنه إذا حرم أطفالها من التعليم الجيد. لا تقلق كثيرا بشأن أسعار السلع، فهي لا تقرر مستقبل أفريقيا.
* الرئيس السابق لشركة غولدمان ساكس لإدارة الأصول
* بالاتفاق مع {بلومبيرغ}