العالم مشدود إلى النقل المباشر للعرس الرياضي المهيب من مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.. الملاعب المكشوفة والقاعات المغطاة تشهد استعراضًا لقدرات وإمكانات بشرية هائلة، تقدمها مصانع تتنافس في تصدير الأقوى والأسرع والأفضل، موادها الأولية الإمكانات الجسدية الموهوبة، وخط إنتاج طويل يقوم عليه أكفاء في التخطيط، والإدارة، والتمويل، والتدريب.
فارق التوقيت بين البرازيل ومنطقتنا العربية جعل ليالي الصيف أجمل أمام شاشة التلفزيون، ولم تنغص هذه المتعة إلا مرارة الغياب الأولمبي العربي حتى ونحن نحقق بعض الميداليات التي لا تعد شيئا أمام ما يحققه رياضيو دول مثل جامايكا وأوزبكستان وكينيا، أو دول أخرى كنا نعتقد أنها غير موجودة على الخريطة، ونظن أننا أكثر منها وفرة في المال والرجال، ويبدو أن هذا الظن كان من البعض الآثم!
لا أعتقد أنها المرة الأولى التي يمكن فيها إثارة حديث مثل هذا، وأقصد الخيبة العربية الأولمبية، ولن يكون الأخير، لكن هذا لن يجدي إذا ما كان العرب يريدون تغيير الحال، حيث لا سبيل إلى ذلك إلا بالعمل والأمل، وهما معقودان بالإرادة السياسية الداعمة، والإدارة الرياضية الرشيدة، اللتين تولدان الأمل، بحيث تتحول الرياضة من ترفيه وترف، إلى فعل رياضي شاق ينتهي بالمشاركة الجادة والمنافسة على الميداليات.
وحتى نكون مصدرا للطاقة الإيجابية، فإننا لن نتجاهل محاولات كثير من الدول العربية في منطقة الخليج للتغيير إلى الأفضل، عبر كثير من الخطط والاستراتيجيات التي أعلنوا عنها في السنوات القليلة الماضية، وبدت بعض ملامح نتائجها، لكنها تحتاج إلى أن تشيع أكثر في أوساط المجتمع الذي هو الحاضنة الحقيقية للأبطال الأولمبيين المحتملين، وهذا لن يتحقق دون أن يقوم الإعلام ببناء جسور عدة، لتعبر منه القيم الأولمبية إلى أوساط الجماهير، والتركيز على المعرفة الرياضية بمفهومها العميق.
قصص بطولية سطرها كثير من الأولمبيين في أولمبياد ريو، ربما أن قراءة وتحليل بعضها يكفيان لأن يمثلا للرياضي الطموح دروسا يستخلص منها ومن سير حياة أبطالها ما يجعله أكثر استعدادا لتحمل مسؤولية المساهمة في تنفيذ برنامج إعداد وتطوير مثل برنامج «النخبة» على سبيل المثال، الذي أعلنت عنه اللجنة الأولمبية السعودية، والذي يهدف إلى تفريغ الرياضيين للأداء الرياضي بشكل مستمر خلال العام للتحضير لأسياد «طوكيو 2022» من أجل تحقيق الترتيب الثالث!
لكن هذا الهدف الذي يبدو صعبا إن لم يكن مستحيلا، حيث تتكتل دول لها باع وتاريخ أولمبي في القارة الصفراء، تسندها استراتيجية من ثلاثة محاور شرحها نائب رئيس اللجنة السعودية لؤي ناظر، أهمها زيادة عدد رياضيي «النخبة» الذين لديهم مقدرة على تحقيق الميداليات إلى ألف رياضي خلال أعوام الإعداد السبعة، مع العلم أن عددهم حاليا أقل من مائة.
هذا البرنامج نظمت له ورشة عمل تحت اسم مشروع رياضيي النخبة «برنامج الذهب 2022».
قال خلالها رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، الأمير عبد الله بن مساعد، إنهم يسعون من ورائه لتمثيل سعودي مشرف ونتائج تليق بمكانة السعودية في جميع المحافل.. بمثل هذا الفكر الطموح يمكن أن نتحمل الانتظار، لكن ما الذي يمكن أن تساهم به أجهزة الدولة، والإعلام، والمجتمع؟.. هذا لا يقل أهمية عن كل ذلك.. انتهى.
8:37 دقيقه
TT
الحل للحال الأولمبي المايل!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة