سنوات عدة والدوري السعودي على شاكلة ومخرجات شبه ثابتة، متحركة قليلا ضمن إطار الرباعي المتفق عليه محليا كأبطال للدوري الذي كادت أن تشل الاعتيادية والروتين أركانه، والملل والتكرار وجوهه المعتادة مؤخرا، فالأبطال أنفسهم يكررون أنفسهم ضمن صراع «الأوتوجينيك» الذي اشتد في السنوات الأخيرة بين الهلال والاتحاد، والهلال والشباب!
في 2009م ظهر على خارطة دوري زين فريق الفتح الذي افتتح لنفسه طريقا صنعه بنفسه وسار عليه ببطء، لكنه وصل، وكان يدرس خطواته جيدا وكيفية البقاء عليها باتزان واحترافية ثابتة ومقيدة بخطوط الإمكانات المتوافرة دون تكلف أو إرهاق، ساعده على ذلك نقطة الثبات على الخيارات نفسها، وإعطاؤها مبدأ الاستمرارية لتظهر أفضل ما لديها ضمن الطاقة المتوافرة!
خلال السنوات الأربع الماضية كان التصاعد والأفضلية أبرز مخرجات الفتح والعنوان العريض الذي خرجت به معظم الإحصائيات الحالية! فالفريق أصبح يقدم نفسه بشكل أفضل، وفي ذلك دلالة على أن هناك نقطة مركزية موحدة تنطلق منها تلك الانطلاقات الإيجابية لهذا الفريق. إنها الإدارة الجيدة التي هي أساس بناء ونجاح كل شيء، والتنظيم المبني على الفكر والمنهجية والتخطيط المسبق وحسن الانتقاء للخيارات «العملية» التي تفيد الفريق فنيا وتضيف إليه، وفي الوقت نفسه لا ترهق ميزانيته كالآخرين!
ساعد على نجاح عمل الإدارة التألق الفني للمدرب «التونسي» وباقي طاقمه المتجانس هارمونيا بعضه مع بعض، هذا الجهاز الذي وجد في الفتح البيئة الصحية لتحقيق الذات وتكوين هوية ضمن أجواء عمل تبعث على الارتياح والاستمرارية، بعيدة عن المضايقة الجماهيرية والضغوط الإعلامية والشرفية، فصنع لنفسه ولفريقه هوية جديدة وإنجازا هو أبعد ما يكون عن الإعجاز، فالساحة للجميع، والأفضل يثبت نفسه بالعمل الحي والمخرجات الإيجابية لا بالتاريخ والمسميات!
ساعد على تكوين الصورة النهائية للبطل الخيارات الصحيحة المتقنة و«المقننة» للأجانب الذين هم الأفضل - حاليا - محليا على الإطلاق، بل تفوقوا على نجوم الملايين والدولارات! سالموا وسيسكو وألتون وأبو هشهش رباعي يستحق الإبقاء عليه، فهم من يصنع الفارق كل مرة مع البقية ومع مجهود الإدارة الحيوية للرئيس النموذجي الأستاذ عبد العزيز العفالق، وباقي أعضاء مجلس إدارته الذين يعملون لمصلحة فريقهم بعيدا عن المصالح الشخصية والبروز والبهرجة الإعلامية وتلميع الذات! هنا أشدد على أن «الأواني الفارغة هي من يحدث الضجيج دائما»!
«استثماريا»، ألا يستحق الفتح بعد كل ما قدم وأبدع وأظهر من فكر وإمكانات الحصول على عقد رعاية كبير يليق به كبطل لدوري زين من إحدى الشركات الموجودة - حاليا - أو تلك التي لم تظهر على المسرح الرياضي الاستثماري بعد، أم سيبقي فقط على الدعم الذي يقدمه أعضاء شرفه والشركات المعلنة؟!
مبروك للكرة السعودية أولا قبل الفتح هذا البطل «العصامي» القادم من بعيد، مبارك لرياضة المنطقة الشرقية هذا الفارس الجديد، والمباركة لأهالي الأحساء مدينة النخيل الجميلة هذا الابن البار الذي شرف كرة المنطقة بأكملها وتفوق على باقي أقرانه الموجودين «دون حراك» في دوري زين منذ سنوات طويلة!
تأملوا الفتح جيدا. إنه ليس «ظاهرة»، إنه علم حقيقي يستحق أن يدرس باحترافية، ليس عيبا أن تصل متأخرا، تأتي من الخلف وتتقدم، لكن العيب على من يكون في الصفوف الأمامية ثم يتراجع إلى الخلف!