نبيل عمرو
كاتب وسياسي فلسطيني
TT

فتح وحماس.. المعركة ما قبل الأخيرة

أعلنت حركة حماس، وتوأمها اللدود «الجهاد الإسلامي»، قبولها المشاركة في الانتخابات المحلية الفلسطينية التي ستجري في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي.
جاء قرار حماس و«الجهاد» مفاجئًا لفتح وحلفائها، فقد كانت حماس قد قاطعت الانتخابات المحلية السابقة، وكان الاستنتاج عند فتح أنها لن تشارك في اللاحقة.
معركة أكتوبر الفلسطينية ستكون حاسمة في أمر الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية تأخرت عن موعدها سنوات كثيرة، وحركة حماس حين قررت خوض الانتخابات المحلية لهذا العام، فقد شجعها على هذا القرار فوزها المميز في انتخابات جامعة بيرزيت، ما خلق لديها اطمئنانًا بأنها ستفوز حتمًا في أي انتخابات على أي مستوى شعبي في الضفة والقطاع. وحركة حماس تعتبر الانتخابات المحلية ليست مجرد عرض للقوة في أمر مجالس الخدمات، فهذا ما لا يخطر على بالها، وإنما هي مفصل سياسي يتصل بالنفوذ السلطوي على مستويات أعلى، أي أنها المحطة ما قبل الأخيرة للتشريعية والرئاسية، وإذا كانت صناديق الاقتراع هي من سيقرر في نهاية المطاف، فإن لاطمئنان حماس المسبق أسبابًا موضوعية ثبتت نجاعة مثلها في كل المعارك الانتخابية التي خاضتها مع فتح، وبواعث الاطمئنان تتلخص في أمرين شديدي الفاعلية في تحقيق النتائج؛ أولهما الدرجة العالية من الانضباط لأعضائها وأنصارها، بحيث لا يضيع من رصيدها صوت واحد، وثانيهما الاعتماد على قلة الانضباط في معسكر فتح وأنصارها، وهذا ما أفرز مقولة عجيبة غريبة، وهي أن فتح تعجز على الدوام من تحويل أصواتها الكثيرة إلى مقاعد.
وقد حدث ذلك في الانتخابات التشريعية في عام 2006، مما جعل من هذا النوع من النتائج قانونًا تعتمد عليه حماس، بل وترى فيه الضمانة الأكيدة لفوزها.
ذلك في مجال الميدان والصناديق وإدارة الانتخابات، أما في المجال الأوسع، فإن حماس أكثر قدرة على الإفادة من المتغيرات، مع أن العكس يجب أن يكون هو الصحيح، وبقدر بؤس التسوية التركية الإسرائيلية بشأن قطاع غزة، إلا أن حماس سجلت لنفسها، ولو دعائيًا، عددًا من النقاط في زمن الفراغ الهائل عند الطرف الآخر. وبوسعنا كذلك رصد استفادتها من نجاح حليفها إردوغان في تكريس زعامته التركية الإسلامية إثر فشل الانقلاب العسكري، وما تلاه من تداعيات.
إن أقل من ثلاثة أشهر، هي المدة التي ستجري فيها الاستعدادات للانتخابات المحلية، لا بد أن تمر كلمح البصر، خصوصًا على صعيد فتح التي أضاعت فرصًا كثيرة لتحسين وضعها الداخلي، وترميم استقطاباتها التقليدية من الفصائل الأخرى والمستقلين، ففي معسكرها تجمدت المؤسسات التي تصنع فيها عادة القرارات الداخلية، فلم تستطع عقد مؤتمرها رغم مرور سنتين على الموعد الدستوري لعقده. وعلى صعيد المنظمة، التي هي مركز النفوذ الأساسي لحركة فتح، لم تستطع عقد مجلسها الوطني، رغم محاولات فاشلة جرت على هذا الصعيد. وهذه أمور تراقبها حماس بدقة، وتتخذ قراراتها غالبًا على أساسها، فإذا جرت الانتخابات المحلية في موعدها، فسوف تكون المعركة ما قبل الأخيرة لأن الفائز فيها سيمتلك مفاتيح الفوز فيما بعدها، أما إذا استدعي ذلك الطبيب البغيض المسمى بالتأجيل، فإن الضحية حتما ستكون النمو الطبيعي للحياة الفلسطينية.