على مدى ثلاثة أيام.. 2 - 4 أبريل (نيسان) الحالي، وتحت عنوان Green Arabia، وهو شعار له من الآثار والنصوص ما يدعمه، وبمشاركة عدد من الأثريين وأساتذة التاريخ، اختارت جامعة أكسفورد (70 كلم من لندن) مناقشة نتائج الحفريات والاكتشافات المتعددة التي قامت بها الجامعة البريطانية، بمشاركة جامعات عالمية أخرى وخبرات علمية أثرية سعودية، تحت مظلة الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة العربية السعودية، وهي الحفريات والظواهر التي تؤكد أن الجزيرة العربية تختزن في جوفها كنوزا من الآثار الحضارية الضاربة منذ فترة ما قبل التاريخ، وأنها كانت فيما مضى مواطن حضارات عريقة، تظهرها أطلال المجتمعات البشرية المتنقلة والمستوطنة المتمدنة الموزعة على ضفاف الواحات، وذلك فضلا عن ثبوت أنها كانت بحارا وأنهارا، تدلل عليها القواقع والأصداف التي تملأ منخفضاتها ومنحدرات وديانها، مصداقا لحديث شريف أخبر بعودتها قبل قيام الساعة.
وكان كاتب هذا المقال تحدث قبل شهرين - في مقال بعنوان «مدائن صالح: مخزون أثري ينتظر الاستثمار والسياح» نشره على صفحات «الشرق الأوسط» - عن المواقع الأثرية المكتشفة والمغمورة في السعودية، وفي مقدمتها مدائن صالح ومملكة لحيان وديدان بجوار العلا، وآثار تيماء ودومة الجندل والأخدود والربذة والفاو وغيرها، وكذا مواقع التراث العمراني في كل المناطق الإدارية الـ13 بلا استثناء، وقد سجل بعض تلك المواقع - أو في طريقه للتأهيل - على قائمة التراث العالمي لدى «اليونيسكو».
ويأتي في مقدمة كل الآثار في الجزيرة العربية بالطبع المواقع الإسلامية التاريخية المعروفة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.
في المؤتمر العلمي المكثف بالمحاضرات في جامعة أكسفورد هذا الأسبوع، كانت المداولات سياحة فكرية وتاريخية ثرية، فصمت الحاضرون في مناخ الضباب عن أجواء التوترات الإقليمية السائدة في العالم، غير أن قلوب الجميع ما تلبث في تالي النهار أن تعود لمعايشة أوضاع البؤس في البؤر المحتقنة في المنطقة العربية.
تناول بضعة عشر باحثا أكاديميا من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية موضوع العلاقة بين التاريخ البشري والتغيرات المناخية في الجزيرة العربية ودور الآثار والتراث الثقافي في معرفة التغيرات المناخية الماضية وتأثيراتها.
ويذهب عدد من المحاضرين إلى أن دراسة الماضي تعد نافذة مهمة لمعرفة التغيرات المناخية التي حدثت في البيئات الأثرية القديمة، كما ينطلق عدد منهم إلى أن الموقع الجغرافي للجزيرة يجعلها عرضة للتغيرات المناخية، وذلك بدليل ما يطرأ من تغيرات ملحوظة على درجات الحرارة وبالتالي اختلال التوازن بين البيئات المأهولة والصحاري والقفار من حولها.
ويمثل هذا المؤتمر نموذجا للتعاون القائم بين المملكتين للبحث في تاريخ الجزيرة العربية، بما فيها دراسة التغيرات المناخية والتحولات البيئية ضمن مشروع الصحاري القديمة الذي تحتضنه جامعة أكسفورد.
* إعلامي وباحث سعودي
TT
مُبَشِّرة بعودة الجزيرة العربية للاخضرار! .. جامعة أكسفورد تستقرئ البيئة والتاريخ
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة