الزيارة التي يقوم بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، ليست زيارة بروتوكولية، أو دبلوماسية عادية أو استثنائية، بقدر ما ترتدي طابع زيارة عمل، وخطوة أولى في تنفيذ «رؤية 2030». التي تعتبر نقلة استراتيجية اقتصادية واجتماعية مهمة في تاريخ المملكة العربية السعودية.
وبديهي أن تستقبل الإدارة الأميركية والمراجع الاقتصادية والصناعية، هذه الخطة التي يحملها ولي العهد معه، بما تستحق من الاهتمام، لا لأنها تشكل بحدّ ذاتها خطوة أساسية نحو تطوير الاقتصاد السعودي فحسب، بل أيضا لأن الأوساط الفكرية والاقتصادية الأميركية لم تكف، ومنذ سنوات، عن الحديث عن ضرورة تطوير الاقتصاد السعودي من الاعتماد على الريع النفطي، إلى اقتصاد إنتاجي حديث ومتطور.
لقد شملت زيارة الأمير محمد بن سلمان منطقة وادي السيليكون، حيث تتجمع الأدمغة التكنولوجية التي أدخلت العالم في عصر الإنترنت، وماضية في اختراع حضارة المستقبل. وهي حضارة لا تبنيها السياسة والسياسيون، بل العلماء وخبراء التكنولوجيا المتطورة. وهذه الزيارة إنما هي تأكيد على أن «رؤية 2030» ليست اقتصادية فقط، بل إنها علمية ومعرفية تدفع بالمملكة إلى الصفوف الأولى من الدول المتقدمة في العالم.
ومن هنا كان ترحيب الإدارة الأميركية والأوساط الاقتصادية بزيارة ولي ولي العهد في هذا الوقت العصيب، الذي تجتازه دول منطقة الشرق الأوسط ولا سيّما بعد تلبد بعض الغيوم في سماء العلاقات الأميركية - العربية، إثر توقيع الاتفاق النووي بين إيران ودول 5+1. لقد حرصت الولايات المتحدة بعد هذه الهدنة مع طهران، على تأكيد حرصها على علاقات الصداقة والتعاون مع الرياض، ولا شك في أنها صادقة فيما تقول، ولكن من حق المملكة والشعوب العربية معها، أن تساورها بعض الشكوك في درجة حرارة الصداقة الأميركية - العربية، بعد توقيع الاتفاق النووي مع دولة تعرف واشنطن والعالم، أنها المتسببة في كل هذه الحروب التي يتخبط فيها الشرق الأوسط.
لا شك أن العلاقات بين الدول تمر بأيام ربيعية، كما أنها تمر بأيام شتائية، تفرض عليها، أو تتعرض لها، المهم هو أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة تشكل خطوة أولى ومهمة في تنفيذ «استراتيجية 2030»، ولسوف تتبعها خطوات وزيارات للدول التي يمكنها أن تلعب دورا في تطوير الاقتصاد السعودي.
لقد هزّ ما سمي الربيع العربي، الشرق الأوسط، ودفع ببعض دوله وشعوبه إلى التقاتل.
لقد قامت المملكة العربية السعودية بما أملاه عليها ضميرها لإطفاء الحرائق، وتقديم المساعدات الإنسانية ومقاومة الإرهاب. وإنها لمسؤوليات ضخمة، ويتطلب القيام بها اقتصادا إنتاجيا وتنمويا متطورا. وهذا ما أدركته الحكومة السعودية، وما تلخص في خطة «رؤية 2030».
إن زيارة ولي ولي العهد إلى الولايات المتحدة هي خطوة أولى ستتبعها خطوات. وتطوير الاقتصاد السعودي واستراتيجية ما بعد النفط، إنما هي قفزة جبارة مباركة تقدم عليها المملكة، بعد أن انتقلت إليها مسؤولية الدفاع عن عروبة الشرق الأوسط.
8:7 دقيقه
TT
الخطوة الأولى في تنفيذ «رؤية 2030»
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة