يشعر الناس بالمفاجأة أحيانًا، وربما بالارتباك، حول مقدار التفاؤل الذي أشعر به حيال الانتخابات المقبلة. أقول أحيانًا إن الأمر لا علاقة له بالتوقعات السحرية حول نتائج الانتخابات - فإنني لا أكتب تنبؤات سخيفة من هذا القبيل - ولكن يبدو الأمر كما لو كنت هنا من قبل. فإحدى الانتخابات التي أدليت فيها بصوتي كانت لمرشحين أكثر عيبًا ونقصًا وكانت أشبه ما تكون بالسيرك. أيصعب عليكم تصديق ذلك، أعرف، ولكنها الحقيقة.
وهناك تشابه غريب للغاية لا أستطيع التخلص منه بحال.
حيث كان المرشح الديمقراطي الذي احتل مكانًا بارزًا من السلطة التنفيذية خلال فترة الرخاء السابقة، قد شهد أكثر من 15 مرة أمام هيئة المحلفين الكبرى وحوكم مرتين ولم يُدنْ قط بأية تهم جنائية.
أما المرشح الجمهوري، وكان مطلقًا، وكان معروفًا بعنصريته وغوغائيته ولقد حاول التنصل من ماضيه، الذي قال ذات مرة إن خطته للتعامل مع الهجرة غير الشرعية تبدأ بتعزيز حماية الحدود المكسيكية الأميركية وحشد وطرد كل المهاجرين الأجانب من البلاد.
وكما كتب بيل تورك في مجلة «نيوزويك» ذات مرة، يحاول المرشح الجمهوري التنصل عن طريق إعادة التعبئة الذاتية الشعبوية. وكان ذكيًا في طريقة عرض وتقديم نفسه اجتماعيًا ومحبوبًا لدى الجماهير، وكانت محاولة ناجحة للقضاء على آثار ماضي العنصري البغيض وكراهية اليهود والتحريف السياسي المتعمد.
كتب تورك يقول إنه بالنسبة للآلاف من البيض الغاضبين والأوقات العصيبة والضرائب المرتفعة، كان ذلك المرشح يمثل الحملة الانتخابية من دون قائد. حيث كانت تصريحاته المنمقة حول الاقتصاد العنصري الأبيض تثير الكثير من الاستياء، وهي في الوقت الحاضر أكثر شفافية ووضوحًا في المجال السياسي الأميركي.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في ذلك الوقت أن تطور مسيرة المرشح الجمهوري على هامش السياسة العنصرية إلى حياة جديدة كسياسي وطني وطموح، جاءت إلى حد كبير نتيجة لعلاقاته التكافلية مع الصحافة والإعلام. وشكا الزعيم الديمقراطي حول دور وسائل الإعلام في صعود نجم المرشح الجمهوري: «لقد حولته وسائل الإعلام إلى مرشح شرعي في الانتخابات».
أحد الملصقات الانتخابية التي لا تنسى من تلك الحملة للمرشح الديمقراطي كانت تقول «صوتوا للمحتال، إنه مهم للغاية». (ومن المفارقات أن كلا الرجلين سوف يتعرضان للإدانة في مختلف الجرائم التي يحقق فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي في وقت لاحق).
كانت تلك السنة هي 1991. وكنت حينئذ طالبًا جامعيًا في مسقط رأسي بولاية لويزيانا. وكان السباق الانتخابي يجري بين الحاكم الديمقراطي أدوين إدواردز (والذي طلب المشورة ذات مرة من بيل كلينتون حول كيفية التعامل مع فضيحة جنيفر فلاورز) وكان المرشح الجمهوري هو ديفيد ديوك، وهو أحد كبار الكهان لدى جماعة «كو كلوكس كلان» العنصرية (وهو أحد المؤيدين الحاليين لدونالد ترامب). كانت تلك هي أولى انتخابات حكام الولايات التي أدلي فيها بصوتي.
أطلق الناس على تلك الحملة مسمى «انتخابات الجحيم»، أو «سباق الجحيم»، بناء على الشخصيات وعلى الحوار. وكان على الناخبين الاختيار بين أهون الضررين، وهو نفس الخيار الذي طرحه بيرني ساندرز. وكان بعض الناس عصبيين وخائفين من تلك المقارنات.
وإنني أتذكر تلك الفترة الآن، بسبب أن السباق الانتخابي الحالي حافل بالذكريات المماثلة.
وسواء خسر ترامب من عدمه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لصالح «هيلاري الملتوية»، كما أصبح يصفها مؤخرًا، فقد يتحول لأن يكون من العوامل المهمة في مستقبل الحزب الجمهوري. فلقد منح مؤيديه من الجمهوريين التصريح بالتعبير عن غضبهم تجاه «الآخرين»، ولن يسهل إيقاف هذه النزعة بحال.
وكمثل الصبي اليافع من ولاية لويزيانا الذي يجرب ولأول مرة المشاعر المختلطة السابقة، دعوني أؤكد لكم: ليست هناك من طريقة لتجنب النتيجة الحتمية.
* خدمة «نيويورك تايمز»
