حولت التصريحات الأخيرة من قبل دونالد ترامب، المرشح الرئاسي الجمهوري الأوفر حظا، دائرة الضوء مرة أخرى إلى الديون الفيدرالية للحكومة الأميركية والبالغة 18 تريليون دولار. وجاء التركيز على هذه القضية في أعقاب الانخفاض الكبير في عجز الموازنة الذي يعارض المزاعم التي ثارت مؤخرا بأن البلاد تتجه سريعا نحو السقوط في هوة عميقة من الديون.
وإليكم الحقائق الرئيسية حول القضية لنتذكر سويا الأمر أثناء تقديركم لما يجب اعتباره حوارا سياسيا صاخبا ومثيرا للكثير من الجدل حول الديون:
1 - هناك خمس طرق رئيسية للحد من عبء الديون: عن طريق النمو السريع، وبالتالي توليد الموارد الإضافية لخدمة الدين مع الحفاظ على وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين، وعن طريق زيادة الإيرادات الضريبية وتخصيصها لسداد الديون، وعن طريق تخفيض الإنفاق الحكومي وتحويل الأموال لخدمة الدين المرتفع.
2 - هناك قيود عملية مفروضة على مقدرة هذه المقاربات على الخروج بنتائج كبيرة على المدى القصير. ونتيجة لذلك، ليست هناك وسيلة واقعية ومنظمة للقضاء على رصيد الدين الوطني في غضون بضع سنوات. والعجز عن السداد من الأمور المكلفة للغاية، ويؤدي إلى تعطيل تدفق رؤوس الأموال العامة والخاصة مع زيادة تكاليف الاقتراض بشكل كبير.
3 - مع اعتبار العلل الاقتصادية الأخرى لمرحلة ما بعد الركود الاقتصادي، ليس من السهل القول بأن التخفيض الحاد في الدين الوطني ينبغي أن يكون من الأولويات العاجلة والقائمة بذاتها، كما أنه لا علاقة له بالأهداف الاقتصادية الثلاثة الملحة للحكومة المقبلة. على الرغم من أن المسار طويل المدى للدين الوطني ينبغي أن يظل قيد الرقابة والاحتواء، فليس هناك من دليل على أن الرصيد الأميركي الحالي من الدين الفيدرالي يعد من المشاكل الكبرى. مع أن تكاليف الاقتراض منخفضة للغاية. إلا أن الولايات المتحدة قادرة على تأمين التمويل الوفير. وعلى العكس من الكثير من البلدان النامية، فمن الناحية التاريخية، لم تصدر الولايات المتحدة تقريبا أي ديون تهيمن عليها العملة الأجنبية.
4 - لا ينبغي للتركيز على الدين الوطني أن يحول الانتباه عن الحاجة إلى الإنفاق الكبير على مشروعات البنية التحتية الكبرى، سواء من خلال المشاريع العامة والشراكات بين القطاعين العام والخاص. والمكاسب المحتملة تتجاوز وبكثير التكاليف الإضافية لخدمة الدين، ولا سيما في ظل أسعار الفائدة المتدنية. يؤدي النقص في البنية التحتية إلى تراجع فعلي وحقيقي في الإنتاجية، ويسبب انخفاضا حقيقيا في النمو الفعلي والمحتمل، وفي بعض الحالات، يسفر عن بعض الصعوبات الاجتماعية.
5 - أفضل طريقة للتعامل مع الدين الوطني عن طريق إطلاق العنان للنمو المرتفع والشامل والذي تعتبر الولايات المتحدة قادرة على تحقيقه، وعن طريق تعزيز الإمكانات المستقبلية. وينضوي ذلك الأمر على التعامل العاجل مع المعوقات الهيكلية للنمو، وليس فقط من خلال تجسير فجوات البنية التحتية، ولكن من خلال أيضا الإصلاحات الضريبية المساندة للنمو، وإعادة تجهيز سوق العمل بصورة أفضل. كما يتطلب الأمر أيضا مواجهة التفاقم المفرط في عدم المساواة، والذي يزيد من صعوبة مشكلة نقص الطلب الكلي عن طريق توجيه الدخل الإضافي إلى الأثرياء الذين لديهم ميل هامشي نحو الاستهلاك. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي اتخاذ خطوات توسيع الخيارات المتاحة لتخفيف أعباء الديون الطلابية الثقيلة، والاضطلاع بسياسة عالمية أكثر فعالية وجهود تنسيقية أكبر.
وبدلا من التركيز ضيق الأفق على الديون الفيدرالية، يحتاج المرشح الرئاسي إلى التعامل مع قضايا الاقتصاد الوطني من زاوية استراتيجية النمو الشاملة التي ينبغي أن يضطلع الكونغرس بتنفيذها. وخلافا لذلك، فإن الاستقطاب السياسي في الكابيتول هيل سوف يقوض من أداء النمو في البلاد، ويسبب التآكل في الإمكانات الاقتصادية المستقبلية، ويحول الدين الوطني من مجرد مادة للتسجيلات الصوتية السياسية إلى مشكلة عصية على الحل بالنسبة للأجيال القادمة.
TT
ضجيج سياسي وحقائق اقتصادية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة