روث ماركوس
صحافية اميركيّة
TT

أميركا.. عودة ديمقراطية إلى 2008 أم 1980؟

هل تبدو معركة الانتخابات التمهيدية بين هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز أشبه بالعودة لعام 2008 أم 1980؟
بمعنى آخر هل تشبه المنافسة بين كلينتون وباراك أوباما، وهو تنافس استمر لفترة طويلة، وطغت عليه مشاعر العداء انتهى بتوحيد صفوف الحزب وفوزه بالرئاسة؟ أم تبدو أشبه بالمعركة بين جيمي كارتر وتيد كينيدي، والتي كانت عبارة عن مشاحنة آيديولوجية استمرت لفترة طويلة، وانتهت بفوز الرئيس الديمقراطي الذي كان يشغل المنصب بالفعل؟
في الواقع، على الديمقراطيين أن يأملوا في أن يكون التنافس الحالي أشبه بما جرى عام 2008، وحتى الآن يبدو الحال كذلك بالفعل. ومع ذلك، تبقى هناك أسباب تدعو الديمقراطيين إلى الخوف من تكرار سيناريو عام 1980، وبالفعل يعاني بعض ممن عايشوا تلك الحملة الانتخابية عودة ذكريات مؤلمة إليهم، تذكرهم بما كانت عليه الحملة من طول أمد ومرارة ونتيجة مخيبة للآمال.
إلا أنه فيما يخص القول الذي يرى أن الحملة الانتخابية الحالية أقرب لعام 2008، ينبغي التنبيه إلى أن المنافسات المحتدمة تميل إلى التحول لذلك المستوى من العدائية الذي اتسمت به حملة عام 1980، إن لم تتجاوزه. والملاحظ أن تلك الجراح التي يبدو أنها تتفاقم في حينها تندمل أسرع مما هو متوقع.
خلال الحملة الانتخابية لعام 2008، شكك أوباما، مثلما الحال مع ساندرز الآن، في قدرة كلينتون على إصدار الأحكام في تأييدها الحرب بالعراق واتهمها ببيع العمال (وقال في واحدة من أشد لحظات التنافس الانتخابي بينهما مرارة: «لقد كنت أعمل في هذه الشوارع، أشاهد الذين رأوا وظائفهم تنتقل إلى الخارج، بينما كنت أنت محامية لواحدة من أكبر الشركات، وتشاركين بمجلس إدارة ولمارت».) ومثلما الحال مع ساندرز، ألمحت كلينتون إلى أن أوباما غير مستعد لتلقي اتصال الساعة الثالثة فجرًا، وأنه ساذج بخصوص مدى صعوبة التغيير الذي يروج له.
ومع ذلك، انتهى الحال بناخبي كلينتون الذين تعهدوا بـدعمها طيلة ثماني سنوات، بالتصويت لصالح أوباما. في مايو «أيار» 2008، كشفت استطلاعات للرأي أن نصف أنصار كلينتون في إنديانا ونورث كارولينا يصرون على أنهم لن يصوتوا لصالح أوباما في مواجهة جون ماكين. وفي النهاية، جاءت مشاركة الناخبين مرتفعة - وأيد 9 من بين كل 10 ناخبين ديمقراطيين أوباما.
هذا العام، يبدو الشقاق بين ساندرز وكلينتون أقل حدة، وكشف استطلاع رأي أجراه «مكلاتشي - ماريست» أن ربع مؤيدي ساندرز يقولون إنهم لن يصوتوا لصالح كلينتون إذا فازت بترشيح الحزب لها.
ومع ذلك، فإنه رغم احتدام التنافس بين أوباما وكلينتون، فإنه على مستوى القاعدة لم يكن صراعًا آيديولوجيا بالمستوى الذي تبدو عليه معركة كلينتون - ساندرز، الأمر الذي يستدعي حملة 1980 الانتخابية.
وهنا، تظهر أصداء المعركة الانتخابية بين كينيدي وكارتر، وإن كانت أكثر حدة عن المعركة الراهنة، حيث دارت هي الأخرى حول روح الحزب. خلال المؤتمر العام للحزب، دخل كينيدي في تحدٍ فاشل يقيد المندوبين خلال الاقتراع الأول. وفي أعقاب إلقاء كارتر لخطاب القبول، ظهر كينيدي متأخرا ليصافحه مهنئًا له.
من جهته، أعرب غيرالد رافشون، الذي عايش تلك الفترة حيث عمل مساعدًا لكارتر، عن اعتقاده بأن التنافس بين ساندرز وكلينتون «أشبه بالتنافس بين كينيدي وكارتر.
من ناحية أخرى، إذا استعنا بالوضع الاقتصادي وشعبية الرئيس الحالي كمؤشر على نتائج الانتخابات القادمة، فإن هذه الحملة الانتخابية تبدو شديدة الاختلاف عن عام 1980، ففي المرة السابقة كان كارتر رئيسًا يفتقر إلى الشعبية يشرف على اقتصاد متهاوٍ مع معدلات تضخم متفاقمة ومعدلات بطالة مرتفعة. في مثل هذه الفترة من الحملة الانتخابية لعام 1980، بلغ معدل الموافقة على الرئيس 39 في المائة، بينما حصد أوباما 50 في المائة خلال استطلاعات رأي أجريت مؤخرًا - وهو اختلاف كبير يدفع البعض نحو رفض مقارنة الحملة الراهنة بتلك الخاصة بعام 1980.
في هذا الصدد، قال بوب شروم، الذي صاغ خطاب كينيدي المتميز خلال المؤتمر العام للحزب: «لم يخسر كارتر لأن كينيدي دخل في تحد أمامه، وإنما تحداه كينيدي لأنه كان في طريقه نحو الخسارة».
في الوقت ذاته، فإن النقاط السلبية التي تتسم بها كلينتون تشبه مثيلاتها لدى كارتر، أو ربما أسوأ، حيث كشف استطلاع رأي أجرته «سي بي إس نيوز» أنها تحظى بنسبة تأييد تبلغ 31 في المائة، بينما يرفضها 54 في المائة. بين الديمقراطيين، كشف استطلاع رأي أجراه معهد «غالوب» أن إجمالي تأييد كلينتون بين الديمقراطيين والمستقلين الأكثر ميلاً باتجاه الديمقراطيين تراجعت من أكثر 63 في المائة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى ما يزيد قليلاً على 36 في المائة الآن.
وإذا حالف الديمقراطيين الحظ، فإن الحملة الانتخابية لعام 2016 ستسير على ذات نهج مثيلتها لعام 2008، لكن تبقى حملة عام 1980 بمثابة عبرة وتحذير تزداد أهميته يومًا بعد آخر.
*خدمة: «واشنطن بوست»