تلقيت أخيرًا اتصالاً هاتفيًا من ولاية ألاباما. كان من سامي هوناريار، وهو أفغاني كان يعمل مترجمًا لدى الجيش الأميركي، ولقد فرّ من اضطهاد وقمع حركة طالبان على أمل الحصول على اللجوء السياسي هنا في الولايات المتحدة. وليست هناك اتهامات موجهة بحق سامي. وبعد ما يقرب من عام، رغم ذلك، ظل رهن الاعتقال في مركز الاحتجاز بمقاطعة أوتاوا، وهو أسوأ وأبعد مراكز احتجاز المهاجرين في الولاية، مع تواصل ضعيف للغاية مع المحامين أو توفير الرعاية الطبية المناسبة.
يقول سامي في اتصاله الهاتفي، وهو يفكر مليًا في إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام: «لا أستطيع تحمل المزيد من ذلك. لقد خدمت هذه البلاد. ولقد خاطرت بحياتي لأجلها، وتلك هي طريقة رد الجميل لديهم».
كنت أعمل مراسلة صحافية من أفغانستان مرات كثيرة منذ عام 2001، وأعلم أن المترجمين الفوريين هم من العناصر الأساسية لتفهم الثقافة المحلية التي يصعب إدراكها على الأجانب الوافدين. ولقد تسبب كل مترجم عملت معه تقريبًا في الحفاظ على (أو إنقاذ) حياتي. ولكن بمجرد اتخاذهم القرار بالعمل لصالح الجيش الأميركي، سرعان ما تتحول الوظيفة إلى عمل سياسي بالمقام الأول، مما يجعلهم أهدافًا محتملة، رجالاً كانوا أو نساء، بالنسبة لحركة طالبان.
وفي الوقت الذي يعمل فيه الأوروبيون والكنديون على إيواء وتوطين أكثر من مليون من طالبي اللجوء السياسي، وكثير منهم ضحايا الصراعات التي اندلعت بسبب سياسات الولايات المتحدة الخارجية، نعلم تمامًا أن سياستنا المحلية إزاء طلبات اللجوء السياسي معيبة. ففي عام 2014، تقدم أكثر من 108 آلاف لاجئ بطلبات اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، ولا أبالغ حين أقول إن كثيرًا من هذه الطلبات هي قضية حياة أو موت بالنسبة لأصحابها، وعلى الرغم من ذلك فليس هناك إلا 254 قاضيًا أميركيًا فقط من قضاة الهجرة الذين ينظرون في أمر هذه الطلبات، والذين ينظرون في الوقت ذاته في الآلاف من طلبات الهجرة من غير اللجوء السياسي سنويًا. وتعد حالة سامي من الحالات الفريد والمؤلمة في الوقت ذاته. ولا يوجد علاج أو حل قريب لها.
كان عام 2015 من أكثر الأعوام دموية في أفغانستان منذ عام 2001. فقد تمكنت حركة طالبان من التسلل إلى كثير من الأقاليم في أفغانستان، بما في ذلك العاصمة كابل. ويعاني الجيش الأفغاني من وقوع كثير من الضحايا في صفوفه، حتى إنه لم يعد قادرًا على تجنيد المزيد من المواطنين لاستبدال ما يفقد من قوات في العمليات. ولقد تخلت الحكومة الأفغانية بالفعل عن أجزاء كبيرة من البلاد لصالح المتمردين.
وتقول محامية الهجرة: «لدي ما يربو على 3 آلاف حالة معلقة. وقضاة المحكمة الجزئية الفيدرالية ينظرون في 440 قضية فقط، إلى جانب اثنين إلى ثلاثة محامين يعملون بالدوام الكامل. وإذا كنا محظوظين، فسوف نحصل على كاتب قضائي في المحكمة أيضًا».
ويعمل محامي الهجرة لصالح وزارة الأمن الداخلي. وفي الوقت ذاته، ليس من حق طالب اللجوء السياسي الحصول على محامٍ عام. والتمثيل القانوني بالغ الأهمية: حيث خلصت إحدى الدراسات إلى أن الأمهات اللواتي لديهن أطفال ومن دون محام يحصلن على حق اللجوء السياسي بنسبة 2 في المائة، بينما طالبو اللجوء في وجود محام يحصلون على حق اللجوء بنسبة 32 في المائة من مجموع القضايا.
واليوم، عاد سامي مرة أخرى للاحتجاز في ميناء إيزابيل بولاية تكساس، حيث ينتظر إعادة المحاكمة، وهو غير قادر على تحمل تكاليف توكيل أحد المحامين. ويقضي القانون الدولي بأنه لا يجوز احتجاز طالبي اللجوء السياسي إلا في ظروف استثنائية. ورغم ذلك فإن مراكز الاحتجاز في الولايات المتحدة مليئة بالكثير من الناس على شاكلة سامي. يقول جريس مينغ، وهو من الباحثين البارزين في «هيومان رايتس ووتش»: «يقول لي الناس: لقد طرقنا إلى بابكم. ولقد وفعلنا ما يتوجب علينا فعله. وأنتم تلقون بنا في السجن، كنا نعتقد أن الولايات المتحدة هي ملاذ حقوق الإنسان في العالم. ولكنها ليست كذلك».
* خدمة «نيويورك تايمز»
7:31 دقيقة
TT
جزاء سنمار
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة