دانا ميلبانك
TT

نخبة الجمهوريين تذعن لترامب

مساء الخميس، نشرت مجلة «ناشيونال ريفيو»، المجلة المحافظة العريقة، عددًا نددت فيه بدونالد ترامب. وجاء في المقال الافتتاحي للمجلة: «يعد ترامب بمثابة تهديد للمعسكر المحافظ الأميركي الذي جرى بناؤه على يد أجيال، وسيدمر ترامب هذا المعسكر لصالح شعبوية لا تقل طيشًا وفجاجة عنه هو شخصيًا».
وجاء رد فعل اللجنة الجمهورية الوطنية سريعًا، حيث سارعت إلى إلغاء تصريح كانت قد منحته لـ«ناشيونال ريفيو» لاستضافة مناظرة بين مرشحين رئاسيين، الشهر المقبل.
ويحمل رد الفعل هذا مؤشرًا على إذعان الحزب الجمهوري لترامب. الواضح أن نخبة الحزب بدأت في إبداء استسلامها أمام فكرة كانت في حكم المستحيل من قبل: ترشح سياسي عن الحزب يبدي عداءه للأجانب وتشدده الفكري وميله للاستعراض.
خلال الأيام الأخيرة، صدرت الكثير من التصريحات الصاخبة من قبل عدد من الشخصيات الجمهورية البارزة، منها بوب دول وحاكم أيوا تيري برانستاد وروبرت مردوخ، بجانب كل من رودي غيلياني والنائب بيتر كينغ، حول إمكانية تقبله لترامب. في الوقت ذاته، يسعى المتبرعون الجمهوريون لضمان مكان لهم حول الملياردير الجمهوري.
من ناحية أخرى، يوجه المقال الافتتاحي لـ«وول ستريت جورنال» النقد لترامب منذ أمد طويل. على سبيل المثال، سبق أن نشرت الصحيفة في يوليو (تموز) مقالاً افتتاحيًا أشارت فيه إلى أن وسائل الإعلام المحافظة التي تثني على ترامب «تضر بالقضية»، وأعرب محررو الصحيفة عن اعتقادهم بأنه «إذا أصبح ترامب صوت المحافظين، فإن الفكر المحافظ سيندثر، وكذلك ترامب نفسه».
ومع ذلك، بدلت الصحيفة مسارها منذ أسبوع، حيث أعلنت أن «ترامب أثبت أنه سياسي أفصل مما تصورنا، وقد أصبح مرشحًا أفضل».
لقد كنت دومًا على ثقة من أن الناخبين في أي انتخابات أولية داخل الحزب الجمهوري سيرفضون ترامب. ولم أزل على اعتقادي أنهم سيفعلون ذلك لو أتيحت لهم الفرصة، إلا أن المشكلة أنهم لم يحصلوا على بديل واضح، ذلك أنه بسبب إصرار جيب بوش وماركو روبيو وكريس كريستي وآخرين على رفض توحيد صفوفهم خلف واحد منهم، تشتت أصوات المعسكر الرافض لترامب.
بدلاً من ذلك، سمح هؤلاء لمعركة الانتخابات الأولية داخل الحزب الجمهوري بالتحول إلى صراع ما بين ترامب وتيد كروز. أما الحرس القديم داخل الحزب الجمهوري، فقد قرر أن ترامب أفضل نسبيًا عن منافسه لأنه أكثر مرونة.
الملاحَظ أن ترامب نجح قولاً وفعلاً في بناء حملته الانتخابية على استعداء أصحاب الأصول اللاتينية والمسلمين والمهاجرين واليهود والأميركيين من أصول أفريقية وذوي الاحتياجات الخاصة. وإذا ما حاول ترامب التراجع عن تعهده بترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي بالبلاد ومنع دخول المسلمين الولايات المتحدة، فإنه بذلك سيتخلى عن المصدر الرئيسي لقوته: ثورة الغضب التي تعتمل في نفوس الرجال البيض الأقل تعليمًا.
إلا أن التساؤل يبقى: كم عدد الجمهوريين الذين سيرفضون مسايرة ذلك؟ في الواقع، لقد أصبح التحيز الحزبي الآن أهم من أي عامل آخر في توقع التوجهات التي ستتخذها أصوات الأميركيين، مما يعني أنه من غير المحتمل اندلاع ثورة ضد ترامب داخل أروقة الجمهوريين. وعليه، فإنه يمكن لترامب بالفعل الفوز، خصوصًا إذا رشح الديمقراطيون أمامه اشتراكيًا ليعارضه، لكن يبقى الأمر الوحيد الآخر الذي بإمكانه تدمير الحزب الجمهوري والحركة المحافظة داخل الولايات المتحدة، بخلاف سحق ترامب في نوفمبر (تشرين الثاني)، هو فوز ترامب!
إذا جاء يوم في المستقبل شهد مساءلة الجمهوريين والمحافظين حول كيف تمكن شخص مثل ترامب من الظهور، فإن عليهم أن يتذكروا هذه المقولة جيدًا: كان هناك أناس أخيار باستطاعتهم وقفه، لكنهم لم يفعلوا.
* خدمة «واشنطن بوست»