فريد هيات
TT

تحديات في طريق محاربة الإرهاب

مع تراجع القيادة الأميركية على الصعيد العالمي في ظل رئاسة الرئيس باراك أوباما، فإنه عمل على الدفاع عن نفسه في مواجهة منتقديه بطرح حجة هشة تقوم على أن البديل الوحيد للتوجه الذي اتخذه كان العدوانية الطائشة.
بعد ذلك، جاء تيد كروز - واتضح أنه مجرد رجل مخادع. ويبدو أنه عندما أعلن السيناتور الجمهوري من تكساس عن تنظيم داعش أنه «سيسحقه بالقنابل حتى يطويه النسيان»، كان يرغب في إثبات مستوى من العدوانية الطائشة لم يرد على ذهن أوباما.
إلا أنه يبقى هناك عنصر مشترك بين أوباما وكروز، وهو الوعد الكاذب بإيجاد سبيل يسير لإخراج الولايات المتحدة من الحرب ضد الإرهاب.
من جهته، رغب أوباما في أن يصدق الأميركيون، بل وربما صدق هو نفسه أيضًا، أن «طوفان الحرب في تراجع» حسبما قال في عام 2011. واتضح لاحقًا أن باستطاعته إنهاء الحروب الأميركية مؤقتًا، لكنه لم يعن بذلك إنهاء الحروب تمامًا وإلى الأبد - وقبل مرور وقت طويل وجد الرئيس نفسه مضطرًا لإعادة الأميركيين إلى ميادين القتال.
إلا أن السحق بالقنابل يقتل المدنيين، وليس الإرهابيين، ذلك أن الطيارين بحاجة لمعلومات ليس بوسع أحد توفيرها سوى أشخاص على الأرض. بالنسبة للولايات المتحدة، ليس هناك في واقع الأمر بديل عن إبداء التزام مستمر لسنوات تجاه أكثر مناطق العالم اضطرابًا. بيد أن ذلك لا يعني غزوا بمئات الآلاف من الجنود، وإنما المطالبة بتعاون دبلوماسي واقتصادي وعسكري ذكي.
ويشير الواقع كذلك إلى أن مثل هذا الإجراء لن يحظى بشعبية حال إقدام أي سياسي على فعله. ومع ذلك، فإنه لحسن الحظ، هناك من السياسيين من أعلن عزمه عن القيام بذلك. وتكمن المفارقة في أن هذا السياسي هو وزيرة الخارجية السابقة في إدارة أوباما.
في خطاب ألقته أمام مجلس العلاقات الخارجية في نوفمبر (تشرين الثاني)، قالت هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة بحاجة إلى شن «حرب فورية ضد عدو عاجل» و«نضال يمتد لأجيال ضد آيديولوجية لها جذور عميقة».
واستطردت كلينتون بأنه «ينبغي أن نكون صادقين بخصوص حقيقة أنه كي تكلل جهودنا بالنجاح، يجب أن تصاحب الضربات الجوية قوات برية تعمل على استخلاص السيطرة على مناطق على الأرض من (داعش)». ودعت لفرض مناطق حظر جوي في سوريا، الأمر الذي رفضه أوباما باستمرار.
وشرحت كلينتون أنه «علينا الانضمام إلى شركائنا للقيام بمجهود مثابر ومستمر لتمكين العناصر المعتدلة وتهميش المتطرفين، ودعم المؤسسات الديمقراطية، وحكم القانون، وتحقيق نمو اقتصادي يدعم الاستقرار، والعمل على كبح جماح الفساد».
المؤكد أن التشبث بمثل هذه الآراء على امتداد حملة انتخابية للوصول للرئاسة لن يكون بالأمر السهل، ذلك أنه من الطبيعي أن الناخبين سيفضلون أن يجري إخبارهم بأن البلاد بإمكانها التركيز، مثلما أخبرهم أوباما، على جهود «بناء الأمة» هنا بالداخل، بل إنه من المغري بدرجة كبيرة الميل للاعتقاد بأن بمقدورنا الشعور بالأمن حال محو الأشرار كما لو كنا نخوض لعبة فيديو.
من ناحية أخرى، فإنه فيما يخص القيادة الأميركية، لا تبدي كلينتون استعدادًا للمساومة، رغم الضغوط الصادرة عن ناخبين يتغلب عليهم ميول الحمائم. وقد يعكس هذا الموقف حسابات لما يمكن أن يحقق نجاحًا أكبر في انتخابات عامة، لكنه قد يعكس كذلك مبادئ جوهرية - مبادئ دعت كلينتون لها أثناء عملها كوزيرة للخارجية، وأحيانا لم يحالفها النجاح في ذلك. ويكاد يكون في حكم المؤكد أن هذه هي القيم التي يقوم عليها أسلوب حكم كلينتون حال تقلدها الرئاسة.
من جانبهم، قد ينظر الأميركيون إلى سياسة أوباما القائمة على الخروج المبكر عن أوانه بأنها لم تفلح في ليبيا أو العراق أو سوريا أو أفغانستان، لكن هل سيتمكنون من كشف زيف البديل الذي يطرحه كروز؟ في الواقع، هذا واحد من التساؤلات الرئيسية التي سيجيب عنها عام 2016.

*خدمة: «واشنطن بوست»