جوش روغين
صحفي أميركي
TT

قاعدة عسكرية روسية على الحدود التركية

عندما أسقطت تركيا قاذفة روسية، مؤخرًا، كان الناتو يواجه أسوأ مخاوفه: مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي. وتتعاظم المشكلة على حدود الناتو الجنوبية بكثير عن مجرد هذا الحادث؛ حيث تمثل القاعدة الروسية الجديدة بالقرب من تركيا تحديًا استراتيجيًا أكبر للحلف قد يؤدي - إذا ما تم تجاهله - إلى وقوع اشتباكات مستمرة.
وقبل الحادث بيومين حذرني بيتر بافل، رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو والمستشار العسكري للأمين العام للحلف، من التداعيات طويلة المدى التي ستنجم عن إنشاء قاعدة جوية روسية في ميناء اللاذقية بسوريا. ولم يكن الجنرال التشيكي الجنسية يعلم وقتها أن الوجود العسكري الروسي في سوريا سيتسبب بأزمة دولية خلال أيام. لكنه كان يعلم أنه ينبغي على الناتو أن يتوصل لحل شامل لردع القاعدة الروسية الجديدة.
ورأى بافل أن هدف روسيا من إنشاء قاعدة اللاذقية يتخطى مجرد دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
أخبرني بافل: «بالطبع، لا تقتصر الأنشطة الروسية في منطقة الشرق الأوسط على دعم نظام الأسد فحسب، وإنما أيضًا من أجل وجود قوات لها في المنطقة، ومن ثم ممارسة بعض النفوذ من خلال هذا الوجود».
وذكر بافل أن قاعدة اللاذقية تعتبر جزءًا من سياسة روسية أوسع ترمي إلى تعزيز الوجود العسكري الروسي الدائم في عدة مواقع متاخمة لحدود حلف الناتو. وتخدم هذه القاعدة الأجندة الروسية في سوريا، وهي أيضًا محاولة لمنع التدخل العسكري للحلف في تلك المنطقة.
لكن بافل حذر من أن استخدام المعدات العسكرية لمواجهة المنطقة الروسية المحمية حول قاعدتها الجديدة، يستلزم الكثير من الموارد، وينطوي على مخاطر بمواجهة أكبر؛ لذلك فإنه يفضل استخدام الأدوات «الأقل وحشية» لمواجهة روسيا.
وتابع: «يمكننا استخدام الأنماط المختلفة من الضغوط، بدءًا من السياسة والدبلوماسية والاقتصادية وأيضًا العسكرية، بدلاً من الدخول في حرب».
وكان بافل تنبأ قبل الحادث بيومين بأنه يتعين على الناتو الاجتماع قريبًا لمناقشة الوجود الروسي في اللاذقية. وكان محقًا في ذلك. ومن المقرر أن يعقد الحلف اجتماعًا طارئًا، يوم الثلاثاء، لمناقشة حادث إسقاط الطائرة الروسية.
ويتصدر جدول أعمال الحلف خلال الاجتماع تحديد ما حدث بالضبط في سماء الحدود السورية - التركية يوم الثلاثاء الماضي. فقد أصدرت الحكومة التركية بيانًا يقول إن الطائرة الروسية دخلت مجالها الجوي فوق بلدة يايلاداغي، وإنها أرسلت 10 تحذيرات للطائرة خلال 5 دقائق، ومن ثم جرى إسقاطها.
من جانبه، رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغضب على الحادث، واصفًا الحكومة التركية بأنها «متواطئة مع الإرهابيين»، ومتهمًا أنقرة بدعم الجماعات المتمردة السورية المتطرفة. كما ألغى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة إلى تركيا كان مقررًا لها يوم الأربعاء. ومما زاد من حالة التوتر بين الجانبين أن الثوار السوريين استخدموا صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات مرارًا لإسقاط مروحية إنقاذ روسية أيضًا.
وينذر الصدام بين روسيا وتركيا بزعزعة الاستقرار في المنطقة. والحقيقة، إن الخطوة المزعزعة للاستقرار حقًا هي قرار الرئيس بوتين باستعراض القوة، وإقامة قاعدة عسكرية على بعد أميال فقط من دولة عضو في حلف الناتو دون استشارة أحد. وقد اختار الناتو عدم التعامل مع هذا الوضع الخطير لعدة أشهر. والآن لا يملك الحلف خيارًا آخر.
*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»