مورين دوود
TT

جيب وجورج.. عام تصفية الحسابات!

يبدو لي أن آل بوش يعتبرون أنفسهم بمثابة «أسرة ملكية» أميركية، بل إنهم دومًا ما قسموا العالم بين أبناء بوش والعامة. وأتذكر أن بوش الأب بعث لي ذات مرة بتعليق مازح أشار فيه لنفسه وزوجته باربرا باعتبارهما «الملك العجوز وزوجته»، وأشار إلى دبليو بوش باعتباره «جورج، ملك كروفورد»، وإلى جيب باعتباره «إيرل تالاهاسي».
وفي سن الـ91، امتد الأجل بجورج بوش الأب ليرى نجله جيب يتجه لتولي مقاليد الرئاسة. ولا شك أنه يشعر بالدهشة إزاء عالم أصبح بإمكان دونالد ترامب، الذي لا يعدو كونه مهرجًا من وجهة نظره، الترشح. والملاحظ أن بعض المساهمين ماليًا في الحملة الانتخابية لجيب يشعرون بالعجز عن التخلي عنه خوفًا من أن يحطم ذلك أوهام والده العجوز، فكيف لأميركا أن تكافئ الأسرة الخطأ في مواجهة «الأسرة الملكية»؟
وعندما رغب آل بوش في توجيه ضربة قاسية لخصمهم، تصرفوا كأبناء طبقة النبلاء وأوكلوا المهمة لأنصارهم السياسيين. ويبدو أن آل بوش يتعذر عليهم تخيل عالم يمارس فيه ترامب أعماله بحرية.
وفي إطار عالم آل بوش، فإن ما يجري الآن أشبه بالانتخاب الطبيعي الذي سيخلق نهاية سعيدة لجورج الابن وأخيه جيب.
وقد حالفني الحظ في تغطية هذه الدراما منذ بداية فصولها؛ ففي عام 1993 عايشت الحملة الانتخابية لجيب خلال ترشحه لمنصب حاكم فلوريدا، في الوقت الذي ترشح جورج للمنصب ذاته في تكساس.
من جهتها، نصحت باربرا نجلها الأكبر جورج بعدم الترشح لأنه لن يتمكن من الفوز. وعندما تحدثت إلى جيب، بدا مستاء من ترشح أخيه الأكبر في السباق الانتخابي في تكساس.
الواضح أن جورج قضى العشرينات والثلاثينات من عمره في مواجهة حقيقة محزنة مفادها أنه رغم كونه الابن الأكبر، فإن والديه يعتقدان أن جيب هو من سيبني مستقبلاً سياسيًا لامعًا. إلا أنه في سن الـ47، وبعد أن ولت أيام إدمانه للخمر ومع وقوف زوجته لورا بجانبه، شعر بوش بأنه على استعداد لخوض الانتخابات الرئاسية بالاعتماد على اسم عائلته ومالها.
ومع ذلك، من اللافت أنه عندما ابتكر جيب جملة انتخابية لاقت نجاحًا في فلوريدا، سرعان ما سرقها جورج. عندما قال جيب: «أنا لا أترشح لمنصب الحاكم لكوني نجل جورج وباربرا، وإنما أترشح لأنني والد كل من جورج بي ونويل وجيب». وحينئذ، بدأ جورج يقول: «أنا لا أترشح لمنصب الحاكم لأنني نجل جورج بوش، وإنما أترشح لأنني والد جينا وباربرا».
الملاحظ أن جيب كان صورة من والدته، خاصة عندما يبتسم، لكنه ورث ميوله السياسية البراغماتية عن والده، وإن كان يفتقر إلى الطاقة الكبيرة التي يتميز بها أبوه. في المقابل، فإن جورج يشبه والده، لكنه ورث مزاجه الحاد من والدته.
وفي ليلة الانتخابات، انتاب جورج غضب عارم لأن والده بدا مستاء من خسارة جيب أكثر من سعادته بفوز نجله الأكبر. وقد أثار جورج صدمة أسرته بفوزه في الوصول إلى المكتب البيضاوي. وقد جرى الضغط على شقيقه لمعاونته على الفوز بفلوريدا من قبضة آل غور.
أما هذا العام، فمن المفترض أن يكون عام تصفية الحسابات بين الشقيقين، حيث سينال جيب أخيرا ما اعتقد والداه دومًا أنه حق له.
ومع أن العلاقات بين الشقيقين ليست وطيدة على نحو خاص، علاوة على أن تورط جورج على نحو مفرط ومأساوي في الشرق الأوسط وعدم اهتمامه بكارثة إعصار كاترينا جعلته من غير الأصول المفيدة في حملة جيب الانتخابية، فإن الأخير يحرص بدرجة ما على الدوران حول محور أخيه، و«محور الشر» الذي حدده. عندما سئل جيب حول ما إذا كان من الصائب غزو العراق، قدم أربع إجابات مختلفة، ثم قال إنه لن يستبعد إجراءات التعذيب، وأعرب عن اعتقاده بأن التخلص من صدام «مسألة جيدة للغاية».
أيضًا، فسر جيب سبب الأداء الرديء لحملته بأنه رجل يميل للأفعال، وليس الأقوال. والملاحظ أن الأمر الوحيد الذي عكف جيب على فعله حقًا محاولة إعادة ترميم صورة شقيقه المحطمة. وانتشرت المقارنات بين أداء جيب المتيبس وأداء شقيقه جورج اللين، وكأن القدر أخيرا قرر أن ينتقم لجورج ويثبت لوالديه أنهما كانا على خطأ طيلة العقود الماضية في تقييمهما له ولشقيقه.
أما الأنصار المخلصون لجيب، فيحثون المراسلين الصحافيين على توضيح أن وصول ترامب لسدة الحكم «سيكون بمثابة كارثة حلت على البلاد»، حسب وصف أحدهم. ويعتقد هؤلاء أن جيب يتحتم عليه إبداء قدر أكبر من التواضع، مشددين على تمتعه بدعم أصحاب الأصول اللاتينية.

* خدمة «نيويورك تايمز»