لقد هالني ما قرأت وما رأيت من معرفات هدفها التصفية، ومن شرور تخطت الذبح والقتل إلى التفجير لإحداث فوضى عارمة تحصد الأخضر واليابس، وإن تلك المعرفات الحربية العسكرية (لأنها في حرب مع وطننا) تمزج تلك الفوضى بمطالبات تزعم زورا وكذبا أنها حقوقية وإنسانية وقانونية، وهذا هو عين الخطر والخطأ والتزوير، وذلك أن تلك الدعوى بوجود حركات مطالبة إنسانية قد تنطلي على عدد من الشباب السعودي، وينساق وراء تلك الفوضى بتلك التقارير المزورة والمكذوبة. ولقد كنتُ دائمًا ما يسترعي ذهني وعقلي وكياني من يقوم بنشر تلك الفوضى عبر وسائل اتصال وقنوات، جعلت دأبها وغرضها ومقصدها الحقيقي الذي تخفيه هو جرّ الدولة في الفتنة، والقتل والهرج والمرج والفوضى غير الخلاقة، بل يُريدونها فوضى في الأرض وفوضى في الإنسان وفوضى في بنية الدولة التحتية، وفوضى في ثرواتها وفوضى في كل مكان حتى ينتقموا ويتحقق العدل الذي في أذهانهم، وهو ليس بعدل، بل هو حقد دفين على السعودية، ومواطنيها، وقيادتها، لدوافع متعددة وأسباب اختلط فيها التآمر بالتوجهات السياسية والحزبية، والأغراض الشخصية بالعمالة والسذاجة أحيانًا كثيرة .يقوم متصل ما بالتنظير والتقعيد والتأصيل لكيفية الخروج في سبيل الله للقتال «مناصرة للدين الإسلامي»! وهو يعيش في بلاد الضباب! أليست مفارقة تجعلنا نفكر بكل جدية أن هؤلاء الوهميين الذين يختبئون وراء معرفات وأسماء غير حقيقية لا يستوعبون ما يجري في هذا العصر الحديث ولا كيف يفهمون مبادئ وأصول الشريعة، ولا كيفية تنزيلها على الواقع، فيمر أحدهم بفترة زمنية إيمانية في ظاهرها، لم يلامس منه تدينه الجوهر ولا القلب، ولم يبد عليه نسك ولا إخبات ولا سمت الصالحين، بل هو تدين القشور بحيث يتمثل في تحريم أمور عادية يجعلها فسقًا وفجورًا، ثم يبدأ بهيجانه المستمد من الجهل بأصول الشريعة وقواعدها وكيفية بناء أحكامها فينعكس هذا الجهل في بثه عبر فضاء القنوات المغرضة. وكثير منهم يكون مطية ومجندًا لأهداف سياسية من دون أن يعيها أو يدرك من يحركه بخيوطها، فهذه المعرفات المشار إليها ذات أهداف سياسية متآمرة، فهي تُدار من بلاد بعيدة وغايتها تقويض أمن هذه البلاد وضرب الوحدة الوطنية، وإسقاط هذا الوطن في وحل الدماء والفوضى والحروب الأهلية. هذه حقائق يجب على كل عاقل وصاحب رأي أن يعيها، وأن يكون حذرًا من شعارات الدفاع عن الحقوق الدستورية وحرية الرأي والتعبير، فتحت هذه الذريعة يُجند الشباب والمراهقون للإضرار ببلدهم وأمنه. وإن أعرق الديمقراطيات الغربية سواءً في أوروبا أو في الولايات المتحدة، وضعت جميع تلك الحريات خلف ظهرها عندما ضربها الإرهاب وقتل وفجر ودمر بلادها، وإن الفكر والرأي المنتج للإرهاب والقتل والتفجير والتدمير لا يُعتبر رأيًا ولا فكرًا ولا حقًا، بل هو يمثل جريمة جنائية تتصف بوصف الإرهاب الذي تفرض قوانين جميع بلاد العالم عليه عقابًا جنائيًا بظرف مشدد، وذلك حماية لأصل الوجود الإنساني، وإن تشديد الرقابة على المؤسسات الراعية والمنتجة لمؤسسات التواصل الاجتماعي مثل («فيسبوك» و«تويتر»)، ومطالبة تلك الشركات بالتوقف عما تفعله من ضخ لملايين الصور والملفات ضد وطننا ويتلقفها الأغرار ومغيبو العقول لتدمير هذا الوطن، أصبح مطلبًا أساسيا وملحًا للعمل عليه والبحث عن أسباب عدم قدرتنا على إيقاف ذلك السيل والتصدي له!!، ولا شك أن أجهزة الدولة قادرة على وقف تلك الشركات إذا أرادت، وذلك أن عدم مراعاة تلك المصالح الحقيقية لهذا الوطن لهو نذير شؤم يُنبئ عن سيطرة أصحاب الفكر التدميري الخارجي والداخلي. ولا يمكن قبول أعذار القائمين على شركات الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي بعدم إمكانية السيطرة والتحكم في هذه الشركات، حيث إن كثيرًا من الدول فرضت قيودًا مشددة على كثير من الصفحات والبرامج التي تبث شيئا من الأخطار على تلك البلاد. إن هذه المعرفات الوهمية لا ترى أي خير في هذه البلاد، وذلك لأن هذا التفكير الدوغمائي والوصولي هو من يذهب إلى قلب الحقائق وتكذيبها، وهو فكر سفسطائي قديم قدم البشرية، حيث إنكار كل الحقائق والتشكيك في كل مزية لهذه البلاد، فهذه المعرفات الإرهابية الوهمية يتوجب أن نوضح هدفها ومقصدها وغرضها الحقيقي، فهي معرفات تحمل فكرًا إرهابيًا يسعى إلى تجنيد الفوضويين واللاعقلانيين من جهلاء ومثقفين وأكاديميين للأسف على حد سواء، ممن يكن ويضمر تعاطفًا مع هؤلاء. فهؤلاء الوهميون لا يختلفون عمن قام بقتل المدافعين عن الوطن في الحدود الشمالية أو من قام بقتل اثني عشر إنسانًا في باريس معقل الحريات والديمقراطيات. وإن فرنسا لما انكوت بهذا الإرهاب بدأت بإعادة التفكير في رقابة أكثر صرامة على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي التفكير الجدي بتضييق مساحة حرية هذه التوجهات التي تسبب تحريضها وتعاطفها تحت غطاء حرية التعبير بما آلت إليه الأمور من أعمال إجرامية، وفرنسا الآن تدرس جملة إجراءات للحد من التطرف ومكافحة الإرهاب تستهدف السجون وشبكات الإنترنت، بل إنها بدأت في اتخاذ إجراءات متشددة داخل السجون لأصحاب الفكر المتطرف والإرهابي.
إن علينا استحضار الصورة الكاملة الشاملة لفوضى المعرفات في قضايا الإرهاب، فمن يقوم بها هم مجرمون، وليسوا مرضى ولا مغررا بهم، كما علينا أن ندرك جيدًا أهمية التمييز بين من يحمل السلاح، أو يخطط للعنف لأهداف سياسية أو يحرض عليه أو يتعاطف مع المتورطين فيه، وبين من ليسوا من هذه الفئة. إن هذا التمييز يجعلنا أكثر عقلانية وأكثر توازنا واعتدالاً وعدلاً، وبالعدل قامت السماوات والأرض. وهذا يوضح أن تلك الحملة التي تشنها تلك المعرفات على هذا الوطن برجالاته ورموزه ما هي إلا حملة لنشر الفوضى العارمة التي سوف تجعل هذا الوطن، إن تم الانسياق وراءها، مستنقع دماء ومجتمع خوف مسلوب الأمن والطمأنينة.
8:14 دقيقه
TT
فوضى المعرفات الإرهابية الوهمية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة