وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

وصايا صندوق النقد للسعودية

استمع إلى المقالة

أصدرت بعثة صندوق النقد الدولي في السعودية بياناً، أمس (الأربعاء)، في ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2023 لتقييم الاقتصاد السعودي وتقديم توصياته المعتادة له.

هذا البيان هو إجراء معتاد، والتوصيات ليست بجديدة، ومن أبرزها الإبقاء على ضريبة القيمة المضافة عند مستوياتها الحالية 15% ورفع أسعار الوقود والكهرباء إلى الحد الأقصى للمساعدة على خفض الانبعاثات الكربونية.

هذه التوصيات لا تعجب المواطنين في أي بلد في العالم، ولهذا الصندوق يواجه كراهية شديدة في كل الدول النامية.

ومع هذا يجب أن نتوقف قليلاً لنسأل أنفسنا السؤال المهم: هل يجب أن ينتهي عصر الوقود الرخيص في السعودية ونبدأ بدفع الوقود بالأسعار العالمية؟

هذا السؤال إجابته لن تكون عند صندوق النقد الدولي لأن الإجابة عنه تتطلب أكثر من مجموعة اقتصاديين يفكرون بطريقة أكاديمية كأنهم في فصل دراسي في إحدى الجامعات.

وقبل أن نفكر أكثر في الإجابة، لِنتساءل: هل فعلاً رفع أسعار الطاقة يؤدي إلى خفض الانبعاثات، أم أنها ذريعة لإقناع الجميع بهذا الطرح؟

في رأيي «لا»، لأن الانبعاثات ليست نتيجة اقتصادية بل فنية مرتبطة بالتقنية لا بالسعر والتكلفة.

نعم قد تدفع الأسعار العالية الناس إلى تقليص استهلاك الطاقة، ولكن ليس بالضرورة، خصوصاً في حالة نمو الاقتصاد. والاقتصاد السعودي في مرحلة انطلاقة حقيقية.

وهنا ننتقل إلى الحلول التي ستعتمد على الابتكار لا على التكلفة. فمثلاً مبادرة السعودية الخضراء حل مهم جداً لخفض الانبعاثات.

لماذا يجب أن نفكر بطريقة خطية كما يفكر الصندوق ونتوقع أن خفض الانبعاثات لا يتم إلا بتقليص الاستهلاك، بينما هناك طرق أخرى لامتصاص الكربون مثل زراعة المزيد من الأشجار؟

لو أن كل مواطن زرع شجرة او اثنتين سيسهم في خفض الكربون بدلاً من تقليص استهلاكه للطاقة، والنتيجة: هواء نقي.

الأمر نفسه ينطبق على الشركات والمصانع. فهذه كذلك لديها حلول كثيرة من التشجير إلى التقاط وحجز الكربون.

وفي هذا الجانب قدمت «أرامكو» منظومة كاملة من زراعة المانغروف على الشواطئ إلى معامل حجز الكربون في العثمانية، إضافةً إلى تطويرها محركات للسيارات أكثر كفاءة مع كبرى شركات السيارات. وهناك برنامج لترشيد وكفاءة استهلاك الطاقة قدّم الكثير من البرامج المهمة مثل منع استيراد الأجهزة الأقل كفاءة.

في النهاية خفض الانبعاثات يتطلب تفكيراً إبداعياً خارج الصندوق ولا يتطلب فقط رفع أسعار الطاقة على المستهلكين.