مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

شيء من رائحة الأندلس القديم

يُحْيي روّاد أول جامع بُني بعد سقوط مملكة غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس، شهر رمضان قرب (قصر الحمراء) حيث تأخذهم الأجواء الرمضانية هناك إلى أيام الأندلس، وإلى جانب حدائقه ذات المناظر الفريدة يتميز (الجامع الكبير) في غرناطة بعمارته والذي يصطحب الناظر إليه الى أيام الحضارة الأندلسية.
ويستقبل الجامع زواره بعبارة (لا غالب إلا الله) المنقوشة على أحجاره، وهي الشعار الرسمي لمملكة غرناطة، فيما يذكّر محرابه بـ(الجامع الكبير) في قرطبة. ومع قدوم شهر رمضان المبارك، يستقبل الجامع المزيد من المسلمين الذين يُفطرون في ظلال (قصر الحمراء)، أحد أعظم قصور الأندلس، والذي ظل مقراً للحكم لفترة من الزمن.
وفي حديثه لمراسل «الأناضول» قال الأمين العام لـ(الجامع الكبير) في غرناطة، زاجارياس لوبيز راجون، إنهم يفتتحون فطورهم بالتمر والحليب، ثم يتبعونهما بالحساء المغربي المعروف باسم (الحريرة)، كما يؤدون صلاة التراويح جماعة –ويختمون القرآن مرتين- في رمضان، وقال إنهم واجهوا مصاعب اقتصادية وسياسية جمّة خلال مرحلة بناء الجامع، إلا أنهم نجحوا في افتتاحه عام 2003، ومنذ ذلك الحين يقدم الجامع خدماته لجميع زائريه من المسلمين، وأردف قائلاً: «هذا الجامع يعدّ نعمة بالنسبة لمسلمي غرناطة، وللساكنين إلى جواره أيضاً. فوجود جامع نرتاده شيء كبير بالنسبة لنا»، كما أوضح أن الإسلام كان دوماً جزءاً من غرناطة، بل وشكّل جوهرها، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، وأن مسلمي تلك المدينة يحتلون مكانة مهمة على الصعيد الدولي.
وحول الأيام والأجواء الرمضانية في المدينة، وصف شهر رمضان المبارك بالرحمة وأجمل شهور السنة، وأنه يسهم في تقليل مظاهر الحياة المادية بين الناس، وأشار إلى استضافتهم بين الفينة والأخرى بعض المجموعات التي تأتي للتزود بمعلومات حول الإسلام. وبيّن أن «(الجامع) واجه الكثير من المصاعب حتى يومنا هذا، واستطاع البقاء بفعل المساعدات الاقتصادية، لا شك أن ثقتنا بالله كبيرة بأنه لن يخيّب آمالنا، ولن يغلق الجامع أبوابه إلا أننا نحتاج إلى المساعدات كي يستمر الجامع بتقديم خدماته».
ويرى محمد إبراهيم باراز (53 عاماً)، وهو أحد رواد الجامع الكبير، أن كون الشخص مسلماً في غرناطة يعني العودة إلى الإرث المفقود قبل 5 عصور، على حد قوله.
وأختم بمقدمة هذه القصيدة، التاريخية، في رثاء (الأندلس)، للشاعر أبو البقاء الرندي بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس:
لكل شيء إذا ما تمّ نقصان/ فلا يُغرّ بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دُولٌ/ من سَرّه زمن ساءته أزمان