مورين دوود
TT

هل سيشارك جو بايدن في السباق الرئاسي؟

يبحث الجميع بشغف عن أي مؤشرات حول ما إذا كان جو بايدن سيترشح للرئاسة من جديد.
وجرى تشريح خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه، بحثاً عن مؤشرات حول هذا الأمر. وعندما استمر في ترديد عبارة «إنجاز المهمة»، هل كانت هذه الإشارة المنتظرة؟
ولدى سؤاله عن قراره بهذا الصدد خلال مقابلة أجرتها معه قناة «تيليموندو»، الخميس، أجاب الرئيس البالغ 80 عاماً: «لست على استعداد لاتخاذ هذا القرار». وعندما أكتب أنا وزميلي فرنك بروني وميشال غولدبرغ «جو، لا تجرب ذلك»، هل ينصت الرئيس ويفكر ملياً فيما نقوله؟
يبدو أننا اليوم لا نملك سوى الاستعانة بأحد المشعوذين لمعرفة قرار بايدن.
اعتقادي أن بايدن سيترشح للرئاسة. وهذا ليس محض هراء. والواضح أنه لا ينوي أن يسير على نهج الملك لير، عندما قرر التخلص من أعباء الحكم ونقلها إلى كاهل عناصر أخرى أصغر سناً، بينما يتقدم هو في العمر ويقترب من لحظة النهاية.
الواضح أنه خلال مسيرته المهنية التي تصيب المرء بالدوار، شعر بايدن بأن إحساس السلطة يتلاشى من بين يديه، ولم يعجبه ذلك. لقد ترك لير يمضي في حال سبيله، بينما تراوده الرغبة في الاستمرار في التبختر تحت ضوء الشمس.
لقد عكفت خلال مسيرتي المهنية على دراسة بايدن وغيره من السياسيين الذين يتشبثون بكامل قوتهم في السلطة وقوتها، ويلوحون بها ويهدرونها. ودعوني أعترف بأنه في حقيقة الأمر لا أحد يحب التخلي عن السلطة. ويعتبر دونالد ترمب نموذجاً صارخاً على هذا الأمر، فهو يسعى جاهداً لإسقاط حكومةٍ كي يحكم قبضته عليها.
الملاحظ أن كلا من الكونغرس والمحكمة العليا بهما عدد كبير من كبار السن. من جهتها، اقترفت روث بادر غينسبرغ خطأً فادحاً ببقائها في المحكمة حتى النهاية. كما أن ديان فينستاين وتشوك غريسلي، وكلاهما في الـ89 من العمر، لا يزالان في مجلس الشيوخ.
لقد راود بايدن الاعتقاد بأن بإمكانه أن يصبح رئيساً منذ اللحظة الأولى التي وصل فيها المدينة باعتباره سيناتوراً حديثاً عام 1973. واليوم، ثمة جدال دائر بين الناس حول ما إذا كان بايدن متقدماً للغاية في العمر على نحو لا يجعله لائقاً بتولي منصب الرئيس. في المقابل، فإنه فيما مضى كان أصغر من أن يصبح عضواً في مجلس الشيوخ. جدير بالذكر أن بايدن كان في الـ29 من عمره عندما تم انتخابه، وأتم الـ30 ووصل سن الأهلية بعد فترة وجيزة من الانتخابات.
وفي حوار مع مجلة «واشنتونيان» عام 1974 قال السيناتور الشاب إنه أدرك سبب كونه «سلعة رائجة»: شبابه و«قدره المأساوي» ـ فقد لقيت زوجته وطفلته مصرعهما في حادث سيارة بعد فترة وجيزة من فوزه في الانتخابات. وقد عقدت المجلة مقارنة بين بايدن وبين «شخصية غريت غاتسبي التي أبدعها روبرت ريدفورد، في سترة أنيقة».
وخلال المقابلة، قال بايدن: «أعلم أن بمقدوري أن أكون رئيساً بارعاً. ولا تزال عائلتي تنتظر مني الوصول للرئاسة يوماً ما».
في ذلك الوقت، بدا بايدن الذي كان لا يزال سياسياً مبتدئاً، شديد الثقة بنفسه، في الوقت الذي كان يقر بعيوبه دونما مبالاة. وقال: «أنا لست من نمط الشخصيات التي يحبها الجميع، فشخصيتي إما أن تجذبك وإما لا تفعل ذلك».
وجاءت طريق بايدن في سعيه وراء حلمه مليئة بالعقبات. وسبق وأن كتبت مقالات عن نيل كينوك وروبرت كينيدي، وأسهمت في الدفع ببايدن خارج السباق الانتخابي عام 1988، كما سبق أن كتبت عن أدائه الذي تميز بحُسن النية، لكنه جاء خشناً، أثناء جلسات الاستماع في دعوى أنيتا هيل ضد كلارنس توماس.
ومع ذلك، فإنه في اللحظة التي بدا وأن أفضل أيام بايدن قد ولت، وقع اختيار باراك أوباما عليه لتولي منصب نائب الرئيس، وذلك في خضم بحثه عن شخص مخضرم بمجال السياسة الخارجية. وفي خطوة حسنة النية، لكنها خرقاء، نجح بايدن في إقناع الرئيس آنذاك أوباما ومعظم البلاد بفكرة إقرار زواج المثليين.
إلا أن أوباما دفع بايدن جانباً لصالح هيلاري كلينتون، الأمر الذي اتضح في وقت لاحق أنه خطأ فاحش تسبّب في ظهور ترمب مستقبلاً.
وبعد أن جرى التعامل معه باستخفاف من قبل فريق العمل المعاون لأوباما، نجح بايدن نهاية الأمر في الفوز بالرئاسة، في لحظة تشبه مشاهد فوز الملاكم روكي في سلسلة الأفلام الشهيرة التي تحمل الاسم ذاته. وجاء هذا النصر بعد قرابة نصف قرن من حديث بايدن عن هذا الحلم للمرة الأولى.
ورغم ذلك، لا تزال نتائج استطلاعات الرأي وآراء بعض المحللين تكشف قلق الكثيرين حيال سنه الكبيرة.
من جهته، يعتقد بايدن أنه يبلي بلاءً حسناً في الرئاسة. وتبدو مشيته وكأنها تنطوي على بعض الخيلاء، وذلك لاعتقاده بأنه نجح في الانتصار على الجمهوريين. وعشية الثلاثاء، نجح بايدن بالفعل في دفع الجمهوريين نحو اتخاذ موقف الدفاع. وقضى الجمهوريون الأسبوع بأكمله في محاولة تبرئة أنفسهم من الانتقادات التي كالها لهم بايدن بخصوص رغبتهم المستمرة في تقليص مستحقات الأمن الاجتماعي، لكن يبقى من الصعب عليهم ذلك لأن هذا الاتهام حقيقي.
وبمرور الوقت، أصبح بايدن أكبر من أوباما، والذي كان من المفترض أنه سياسي أحدث تحولاً في المشهد السياسي الأميركي.
وخلال خطابه عن حالة الاتحاد، بدأ الرئيس في محاولة إعادة ربط حزبه بجذوره بين صفوف أصحاب الياقات الزرقاء. من جهتها، ظنت هيلاري كلينتون أن باستطاعتها الفوز عام 2016 بالاعتماد على ائتلاف ديمقراطي جديد ما بين الأقليات والنخبة والطلاب. ورفضت إلقاء خطاب في نوتردام، ولم تعبأ قط بالذهاب إلى ويسكونسن.
في المقابل، نجد أن ويسكونسن كانت المحطة الأولى لبايدن في نشاطاته بعد إلقائه خطاب حالة الاتحاد. ولا يزال متمسكاً بشخصيته المميزة دونما تغيير. لذلك نحن نعلم جيداً أن جو سيشارك في السباق الانتخابي.
* خدمة «نيويورك تايمز»