يبدو أننا لم نرسُ على الشاطئ بعد. هو قريب منا، ونستطيع تبين ملامحه، غير أننا لم نصل إليه بعد. هذا ما أدركته بعد سماع تصريحات السيد علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، وهو يقول إن سياسة إيران لم تتغير في المنطقة بعد الاتفاقية، وإن هذه السياسة تتعارض مع السياسة الأميركية بمائة وثمانين درجة. وفي الوقت نفسه صرح السيد حسن روحاني رئيس الجمهورية الإيرانية بأن إيران ستقوم بتنمية علاقاتها بدول الجوار بعد الاتفاقية.
والسياسة علمتنا أن نأخذ كل كلمة ينطق بها مسؤول، على محمل الجد. لذلك سنصدق الرجلين. كما سنصدق أن إيران ستمشي في اتجاهين متعاكسين، وهو ما يستحضر في أذهاننا المثل الشعبي المصري الذي يقول إن «المركب اللي فيها ريسين تغرق» وهي بديهة سياسية عن وحدة القرار السياسي داخل الدولة. أن يستمر المرشد الأعلى في العزف على مزماره القديم عن أميركا الشيطان الأعظم، في الوقت الذي تسود فيه الفرحة الشارع الإيراني لوصول إيران إلى اتفاقية مع أميركا. اتفاقية تحرر الشعب الإيراني من الحصار الاقتصادي والتجاري، أمر شديد الغرابة حقا.
بغير وحدة القرار السياسي داخل الدولة، أي دولة، تتولد مشكلة حقيقية. إنها نفس المشكلة التي تتفجر في مركب لها قبطانان وطائرة يقودها طياران. قد تكون المشكلة كامنة في النظام الإداري السياسي الإيراني نفسه. فالعلوم السياسية تعلمنا أن رئيس الجمهورية هو الرئيس الوحيد والمعتمد، والرئيس لغة ومنطقًا وسياسة، ليس له رئيس.
لقد تصورت أن قوة الواقع في إيران تمكنت بعد سنوات طويلة من الضيق والتوتر، من إقناع ساستها بتغيير مواقفهم واتجاهاتهم الثورية إلى مواقف جديدة تتحقق بها الرفاهية للشعب الإيراني. ويبدو أنني كنت مخطئا عندما تجاهلت واحدة من أخطر قواعد السياسة والتاريخ وهي «يموت الزمار وصباعه بيلعب».. لقد مات اللحن والملحن والعازف، غير أن أصابعه ما زالت تتحرك على فتحات المزمار أملا في بعث سياسة فشلت في إسعاد الشعب الإيراني وأسهمت بقوة في إفساد المنطقة.
باسم من وقّع السيد روحاني ووزير خارجيته على الاتفاقية..؟ أليس نيابة عن الشعب الإيراني وباسمه..؟ ومن أجل من يصرح السيد روحاني بأن إيران ستقوم بتنمية العلاقات بينها وبدول الجيران؟ أليس من أجل ولحساب الشعب الإيراني وتحقيقًا لمصالحه..؟
إن موقف السيد المرشد الأعلى في حاجة إلى المزيد من الإيضاح. فعندما يتكلم عن أن السياسة الإيرانية في المنطقة لن تتغير بسبب الاتفاقية، وهو ما يتعارض بقوة مع تصريحات السيد روحاني، فعلى الأقل يحق لنا نحن سكان المنطقة العربية أن نسأله: ما هي بالضبط تلك السياسة يا سيدي..؟
ما نعرفه عنها هو أنها تعمل على إشاعة الفرقة والتوتر وإثارة النزاعات المسلحة مما سيترتب عليه تسليم المنطقة كلها للفقر والخراب. فهل ما فهمناه عنها صحيح يا سيدي..؟
أنا مجرد مواطن من جيرانك يسألك أن توضح له معنى كلمات قلتها أنت.. ما هي ملامح سياستكم في المنطقة والتي لن تتغير بسبب الاتفاقية؟
سؤال أخير.. هل توافق سيادتكم على ما أعلنه رئيس جمهوريتكم من أن إيران ستقوم بتنمية العلاقات بينها وبين دول الجوار؟
[email protected]
9:3 دقيقه
TT
الشاطئ ما زال بعيدًا
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة