أنجاني تريفيدي
كاتبة من خدمة «بلومبرغ»
TT

«أبل» غيرت رأيها... فمَن موقفه أسوأ الآن؟

تتراجع شركة أبل عن خططها الرامية لزيادة إنتاج هواتفها «آيفون» الجديدة هذا العام؛ إذ بدلاً من ذلك، سوف يبلغ إنتاجها للعام الجاري نحو إنتاج العام السابق، بما يتفق مع توقعاتها الأصلية. منصف بما فيه الكفاية الركود العالمي الذي يلوح في الأفق، والدولار القوي ربما يعني أن المستهلكين خارج الولايات المتحدة سوف يشعرون بالضيق إذا ما عزموا على شراء هاتف جديد.
وكانت «أبل» قد رفعت توقعات مبيعاتها في الأسابيع التي سبقت طرح «آيفون 14»، قبل العودة إلى توقعاتها السابقة. ومن الناحية النظرية، لم يحرك التراجع المُعلن عنه مؤشر الإنتاج بصورة كبيرة لصالح منتجاتها الخاصة. لكن التعامل مع التأثير المُنساب إلى الأسفل هو الأشد صعوبة. فماذا سوف يحدث لسلسلة التوريد، ومئات الشركات المُصنعة التي تعتمد على «أبل» للتوجيه؟ لقد أثرت فيهم الأنباء الأخيرة بشدة، الأمر الذي أدى إلى انهيار أسهم شركات صناعة الرقائق الإلكترونية وشركات تجميع الهواتف.
يعكس الطلب على رقائق الذاكرة، المكون الرئيسي في الهواتف الذكية وغيرها من الإلكترونيات، بالفعل علامات ضعيفة قبل أشهر - وتراجع من الطفرة الوبائية عندما كان الجميع قابعين في منازلهم وملتصقين بأجهزتهم الشخصية. وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، لاحظ المحللون في مجموعة «جيفريز» المالية أن توقعات النصف الثاني كانت «أقل يقيناً» من النصف الأول إثر ضعف الطلب على الهواتف، وأجهزة التلفاز، والحواسيب الاستهلاكية.
برغم هذا، من الممكن أن يقع الموردون في موقف حرج للغاية عندما يغير كبار العملاء توجيهاتهم، لا سيما في غضون مهلة قصيرة. وحدث هذا في الآونة الأخيرة عندما شرع بعض موردي شركة أبل في التحضير لزيادة متوقعة في الطلبات بنسبة بلغت 7 في المائة.
فضلاً عن ذلك، كان صانعو معدات إنتاج أشباه الموصلات المستخدمة في صناعة الرقائق - وهم أنفسهم ضحايا المأزق الخانق الذي أدى إلى تقلص الإنتاج على مدى العامين الماضيين - يتوقعون حدوث انتعاش. كما توقع المصنعون في هذه الصناعة، التي تزيد قيمتها على 60 مليار دولار، في شهر يوليو (تموز) الماضي، طلباً قوياً على وحدات الذاكرة والتخزين، مع استعداد السوق للتوسع. ولم يكن من المتوقع انخفاض النفقات والاستثمارات حتى العام المقبل، وفقاً لاتحاد الصناعة في أميركا الشمالية.
لكن بعد ذلك، شرع بعضهم في مراجعة ميزانياتهم عندما طُلب منهم إلغاء أوامر التسليم من جانب العملاء.
كيف يتسنى لهذه الصناعات - التي تعتمد بشكل كبير على بعضها - ألا تكون على نفس السياق.
لا عجب أن ينتهي بنا الأمر إلى أزمات حادة في سلاسل التوريد. مثل هذه التأخيرات - الناجمة عن فشل التزامن مع السوق والموردين - هي التي تؤدي إلى مشكلات الإنتاج المستعصية، وتترك صغار المصنعين في مأزق كبير. وفي حين تحاول الشركات عبر مختلف المجالات قياس المستويات الصحيحة من المخزون، وإدارة دورات الإنتاج لديها، فإنها تنتهي إلى الإفراط في الطلب أو التفريط فيه. وعادة لا يُتاح لصُناع الأجزاء الوقت الكافي لضبط عملياتهم.
شرعت شركة «تويوتا موتور»، مؤخراً، في إدارة سلسلة التوريد بمنح شبكتها الهائلة من صناع المكونات المزيد من الوقت للتخلص من الضغوط عليهم وعلى أرباحهم وهوامشهم، وهذا يساعد مئات الشركات الصغيرة بصفة خاصة، التي عادة ما تصنع مكوناً أو اثنين فقط، والتي تتحمل الجانب الأكبر من ضغوط التكلفة، إذ يمكن أن يؤدي نقل أهداف العملاء إلى تعريضهم للمتاعب بسرعة كبيرة.
من دون هذا التوجيه، يُترك الموردون يتحملون الأعباء منفردين. ومن السهل القول، لا يمكننا لوم شركة أبل، على أساس صافٍ، إذ إنها لم تغير إنتاجها بالفعل. لكن مع استمرار القضايا المتعلقة بسلسلة التوريد وصراع الشركات بُغية تنظيم عملياتها في حين تعمل التحولات التكنولوجية السريعة على سحبها في اتجاهات مختلفة، فربما حان الوقت كي تبدأ الشركات الكبرى في إيلاء المزيد من الاهتمام... وليس من الصعب إطلاع الجميع على ما يجري.