بعد أشهر قليلة من أداء اليمين الدستورية كرئيس عام 1953، كلف دوايت أيزنهاور نائبه ريتشارد نيكسون مهمة غير عادية. وقبل ذلك بسنوات، عندما كان أيزنهاور القائد الأعلى لقوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، كان حزيناً بسبب عدم استعداد نائب الرئيس هاري ترومان لموت الرئيس فرانكلين روزفلت المفاجئ. وبعد أن أصبح رئيساً وبلغ من العمر 62 عاماً، وهو المدخن الشره السابق الذي دأب على تدخين 80 سيجارة في اليوم ومع توقعه الإصابة بأزمات قلبية خطيرة، أدرك أيزنهاور أهمية إعداد نائبه لتولي مهام الرئاسة. كان لنيكسون ست سنوات فقط من الخبرة كعضو في الكونغرس وكسيناتور من ولاية كاليفورنيا قبل أن يصبح نائباً لأيزنهاور.
لم يكن الرئيس يحب نيكسون كثيراً وكان بالكاد يعرفه، لكنه منحه الكثير من الصلاحيات والمهام ليؤديها - بما في ذلك إيفاد نائب الرئيس وزوجته بات في رحلة استغرقت 68 يوماً عبر آسيا والشرق الأوسط. وفي خريف عام 1953، زارت عائلة نيكسون اليابان، وكوريا، والفلبين، وتايلند، والهند، وباكستان، وإيران، وليبيا، وكانت أول فرصة من بين العديد من الفرص لنائب الرئيس لإقامة علاقات شخصية مع قادة أجانب.
كانت تلك الزيارات بمثابة تعميق للمعرفة الدبلوماسية وحنكة في إدارة الدولة، وهو ما خدم نيكسون كثيراً، وكانت المراجعات جيدة. قالت إحدى القصص الحماسية في مجلة «لايف»، إن نيكسون عزز مكانته بوصفه «محركاً للشؤون الوطنية والعالمية».
لم يتسن لنائبة الرئيس بايدن، كامالا هاريس، التي كانت سيناتور ولاية كاليفورنيا الأولى قبل دخول البيت الأبيض، الحصول على تجارب قوية أو مهام مستمرة من شأنها تعميق خبرتها وتوسيعها بطرق يمكن للأميركيين رؤيتها. لكن في العصر الحديث، فإن رحلة لمدة 68 يوماً لنائب الرئيس ستكون أمراً مثيراً للضحك. ولكن على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، اشتمل تدريبها أثناء العمل في مجال الحكم إلى حد كبير على قضايا مستعصية، مثل الهجرة وحقوق التصويت، حيث لم تظهر نمواً واضحاً في القيادة ورحلات النجاح أو الفشل في الخارج، مثل الرحلة المضطربة في أميركا الوسطى. قبل عام، التقى الوفد الأكثر نجاحاً الرئيس الجديد لدولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة فريق ضم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن.
إذا كان الرؤساء الآخرون قد شكّلوا شراكات جوهرية في مناصبهم مع نوابهم الرئيسيين وبذلوا جهوداً لتعميق تجربتهم، فلن يتمكن الرئيس بايدن والسيدة هاريس من القيام بذلك أو قد يكونان غير مبالَين بإحداث تحول مماثل. فمن الخارج، هناك القليل من الأدلة على أن البيت الأبيض في عصر بايدن يشعر بالكثير من الأهمية والإلحاح الذي شعر به الجنرال أيزنهاور لتعزيز دور واستعداد الشخص الذي قد يرث الرئاسة في أي لحظة.
إن إعلان بايدن الأسبوع الماضي إصابته بفيروس «كورونا» يؤكد الحاجة الواضحة والحاضرة للرئيس البالغ من العمر الآن 79 عاماً ومساعديه والسيدة هاريس إلى إيجاد سبل لها لتصبح شريكاً حقيقياً في الحكم وليس مجرد شريك سياسي ساعده في الفوز في الانتخابات. لا يقتصر الأمر على مجرد الإنصاف للسيدة هاريس أو ترقيتها كما تمت ترقية بعض نواب الرئيس الآخرين. فالأميركيون من حقهم أن يعرفوا ويروا أن لديهم نائب رئيس يثق به البيت الأبيض ومسؤولو الإدارة في حالة حدوث أي مكروه للرئيس.
بدلاً عن ذلك، رأينا العكس يحدث في أغلب الأحيان. فقد أعاقها عدم شعبية بايدن، بالتأكيد، لكنها أيضاً لم تصبح الوجه العام الناجح في أي قضية رئيسية. فقد قامت مؤخراً بجولة نشطة بعنوان How Dare They، حيث وصف عنوان جريدة «بوليتيكو» رحلاتها التي هاجمت خلالها الجمهوريين بشأن حقوق الإجهاض بعد قرار المحكمة العليا السماح بعمليات الإجهاض، لكن هذا العمل يؤكد فقط على ضيق دورها السياسي، وليست بالإنجاز الذي يُظهر أنها قادرة على افتراض الحاجة إلى القيادة أو يعطي الأميركيين أسباباً تجعلهم ينظرون إليها على أنها قادرة على إدارة دولة تتوق إلى القيادة.
غالباً ما كان تاريخ العلاقات بين الرؤساء ونواب الرئيس، سواء كان روزفلت وهنري والاس، أو مؤخراً جورج إتش بوش ودان كويل، مفيداً ليس فقط في نماذج الحكم الناجح ولكن أيضاً في الأهمية الحاسمة لوجود الشخص الثاني الماهر وجيد الإعداد.
إن بقاء السيدة هاريس عالقة في دور سياسي محدد لأمر مقلق لأي شخص مهتم باستقرار السلطة التنفيذية واستمراريتها. لم يحدث أن احتفل أي رئيس أميركي بعيد ميلاده الثمانين أثناء وجوده في منصبه كما سيفعل بايدن في 20 نوفمبر (تشرين الثاني). ولحسن الحظ، لا يعاني بايدن إلا من «أعراض خفيفة جداً» لـ«كوفيد»، وفقاً لسكرتيره الصحافي، لكن لا يزال من الصعب تجاهل الواقع الفعلي والحقيقة الواضحة أنه يبدو أضعف من رجل أو امرأة في الستين (أو أنه يبدو بهيئة نائبته البالغة من العمر 57 عاماً).
ومن بين نواب الرئيس الخمسة عشر الذين أصبحوا رؤساء، تولى ثمانية مناصبهم بعد وفاة الرئيس (تم انتخاب أربعة منهم في وقت لاحق بمفردهم). وهذا يعطي لمرشح نائب الرئيس وزناً رصيناً، عندما يكون المرشح الرئاسي والمرشح نموذجاً للحيوية في منتصف العمر، مثل جيمي كارتر عام 1976 وآل غور في 1992.
السيدة هاريس ليست مسؤولة عن قلة خبرتها النسبية على الصعيدين الوطني والدولي. فقد كانت في مجلس الشيوخ لأقل من أربع سنوات عندما اختارها بايدن، وقد فعل ذلك وهو يعلم أنها لم تشغل منصباً تنفيذياً مطلقاً. ولكن منذ أن اختارها نائبة له في أغسطس (آب) 2020، عرفنا أن روابطها بالرئيس وخبرتها الإدارية ضعيفتان نسبياً. إنه ليس بالأمر الهين أنها لم تتناول سوى عدد قليل من وجبات الغداء الخاصة هذا العام مع بايدن. وبعد غدائها الأول مع بلينكن، في فبراير (شباط) 2021، أفادت تقارير بأنها توقعت أن تستمر وجبات الغداء، كما كان الحال مع نائب الرئيس آنذاك بايدن مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. فقد كان هذا التفاعل مألوفاً، على سبيل المثال، في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، عندما شكّل نائب الرئيس نيكسون علاقة شبه أبوية مع وزير الخارجية جون فوستر دالاس. ومع ذلك، لم نرَ وجبات الغداء المعتادة بين هاريس وبلينكن (على الرغم من أن الاثنين التقيا، وتحدثا عبر الهاتف، وكان لديهما ما سماه أحد مسؤولي وزارة الخارجية «ارتباطات منتظمة» و«تفاعلاً منتظماً»).
8:18 دقيقه
TT
أميركا وسلطات نائب الرئيس
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
