بعد أكثر من 75 عاماً، تطورت العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ من مجرد ترتيبات بسيطة للطاقة مقابل الأمن إلى شراكة تجارية وشخصية شديدة الترابط. ساعدت هذه العلاقات الشركات الأميركية في إيجاد موطن جديد للصادرات وتوسيع قواها العاملة من خلال فرص تجارية جديدة، كل ذلك مع تمهيد الطريق للتحول المستمر للمملكة العربية السعودية لتصبح اقتصاد ومجتمع القرن الحادي والعشرين المتصل بالعالم.
في 14 فبراير (شباط) 1945، التقى جدي، الرئيس فرنكلين ديلانو روزفلت، بأول زعيم للمملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، لوضع أسس لتحالف اقتصادي واستراتيجي وثقافي دائم. كان ذلك الاجتماع مفيداً لإيجاد الروابط بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التي استمرت حتى اليوم. وقد كنت محظوظاً بأن أتيحت لي الفرصة لمواصلة إرث «السلام من خلال التجارة» الذي أسسه جدي لتعزيز العلاقات التجارية وخلق جسور صداقة شخصية بين مجتمعاتنا.
المملكة العربية السعودية في خضم تحول ثقافي وتجاري سريع وواسع في ظل خطة التنمية الوطنية الطموحة «رؤية 2030». فالفرص المتاحة في الاقتصاد السعودي للشركات الأميركية متنوعة ووفيرة بفضل الجهود السعودية المستمرة لرقمنة وتحديث وتنويع اقتصادها. وتحت مظلة «رؤية 2030»، نجحت القاعدة الصناعية السعودية في التنوع بعيداً عن اعتمادها التقليدي على النفط والغاز واتجهت صوب القطاعات الناشئة مثل تكنولوجيا المعلومات والترفيه والرياضة والسياحة. تخلق هذه التغييرات الجوهرية فرصاً وفيرة لرواد الأعمال الأميركيين والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والشركات الرائدة في الصناعة لتوفير المنتجات والخدمات للاستجابة للطلب المتزايد عبر مجموعة واسعة من القطاعات.
يحتل اقتصاد المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة بالنسبة للمنطقة وللعالم. المملكة هي أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وتحتل المرتبة 19 في العالم. والولايات المتحدة هي ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، حيث تدعم الصادرات الأميركية من السلع والخدمات إلى المملكة العربية السعودية آلاف الوظائف الأميركية. كما صُنفت المملكة العربية السعودية مؤخراً على أنها ثالث أكبر سوق تصدير للولايات المتحدة، والمرتبة 26 بين أكبر موردينا للسلع المستوردة، وواحد من شركائنا التجاريين الرائدين في الشرق الأوسط. وها هي التجارة الأميركية - السعودية في السلع غير النفطية وغير الدفاعية تواصل الارتفاع إلى مستويات قياسية، إذ ارتفع إجمالي حجم التجارة بين البلدين في عام 2021 بنسبة 22 في المائة من عام 2020 إلى 92.5 مليار ريال سعودي (24.7 مليار دولار). وارتفعت الصادرات السعودية غير النفطية إلى الولايات المتحدة في عام 2021 بنسبة 71 في المائة عن العام السابق، لتصل إلى 9.1 مليار ريال سعودي (2.4 مليار دولار)، مسجلة أعلى مستوى سنوي للصادرات غير النفطية من المملكة العربية السعودية إلى الولايات المتحدة.
ناهيك بالروابط الاقتصادية القوية، فإن بلدينا يجمعهما أيضاً العديد من العلاقات الشخصية العميقة. فالولايات المتحدة وجهة معروفة لطلاب التبادل العلمي السعوديين؛ إذ تحتل المملكة المرتبة الرابعة بين الدول الأجنبية التي تبعث طلابها إلى الولايات المتحدة للحصول على درجات البكالوريوس والدراسات العليا. وعلى مدار العقد الماضي، تلقى أكثر من 250 ألف مواطن سعودي وعائلاتهم تأشيرات للدراسة في الولايات المتحدة وتجربة الحياة في المدن الأميركية والبلدات الصغيرة، ما يعيد ذكريات تجاربهم الشخصية مع الثقافة الأميركية وشعبها. كذلك، 60 في المائة من سكان السعودية تقل أعمارهم عن 40 عاماً، والعديد منهم يسافرون إلى مختلف دول العالم ويحبون التجارب التي مروا بها في بلدان أخرى.
لقد ساعدت جسور الصداقة الشخصية والتجارية هذه تحالفنا المتبادل على الاستمرار في الأوقات السهلة والصعبة على حد سواء. أنا على يقين من أن هذه العلاقات، التي تقودها العلاقات التجارية التي تتحسن باستمرار، ستواصل النمو بشكل أقوى خلال القرن الحادي والعشرين. إن المفهوم البسيط للسلام من خلال التجارة الذي تصوره جدي ملائم اليوم كما كان في عام 1945.
8:37 دقيقه
TT
العلاقة التجارية الأميركية ـ السعودية: السلام من خلال التجارة
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة