علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

ثراء من السجن

نحن في ثاني أيام العيد ولن أُصدّع رؤوسكم بتوقع رفع الفائدة 0.75 نقطة، أو توقع ركود عالمي يجعل الاقتصاد يدخل مرحلة ركود، أو توقع شُح الغذاء الرئيسي «القمح» نتيجة الحرب. ولكني سأقص عليكم قصة أثرى صاحبها من خلال السجن ولنبدأ القصة، يذكر سلطان اللويحق أنه تخرج من قسم الاجتماع وعين مدرساً، ورغبة من الشاب الطموح في تحسين دخله بحث عن وظيفة أخرى.
وجد وظيفة مسائية في السجن، يقول والحديث لسلطان، عينني مدير السجن في عنبر المحكوم عليهم بالقصاص كباحث اجتماعي، وكنت كلما تحدثت مع سجين من هؤلاء واجهت إحباطاً متزايداً، وكانت الكلمة المشتركة بين سجناء هذا العنبر «كلما سمعت صوت باب السجن وصوت السجان ظننت أنه سيتجه لي طالباً مني كتابة وصيتي»، أي أنهم في انتظار الإعدام في أي لحظة.
يقول سلطان، بعد أن أمضيت ثلاثة أشهر في هذا العنبر نفد صبري وذهبت لمدير السجن طالباً منه نقلي لعنبر آخر، مدير السجن لم يتأخر ونقلني لعنبر المديونين «المفلسين» الذي كان عكس العنبر السابق، ووجدتهم قد فرشوا السجاد، والغداء والعشاء يأتياهم من خارج السجن، وأحوالهم غير سابقيهم، بدأت العمل متوكلاً على الله، وكانت بدايتي مع رجل مليونير، ونتيجة سوء إدارته فشل عمله وأُودع السجن، وكنت أطرح عليه الأسئلة، وأنتظر منه الإجابة، لكني أخيراً وجدته هو من يطرح عليّ الأسئلة مثل كم راتبك؟ وكنت أجيبه 7300 ريال راتبي معلماً و6 آلاف ريال كعمل جزئي، والمجموع 13.300 ريال (3.5 آلاف دولار). السجين كان تاجر عقارات قبل إفلاسه يقول سلطان، كان التاجر المفلس يستهزئ بي وبمرتبي، ويؤكد لي أن العمل التجاري قد يجعلني أحصل على مرتبي في ساعة واحدة، يقول سلطان، بدأت أجفل حينما أنوي الذهاب لهذا العنبر من السجن، وبدأت أخشى أسئلة التاجر المفلس.
يستأنف سلطان الحديث ويقول، في رحلة من رحلاتي من البيت للسجن رأيت مكتباً عقارياً كتب عليه «للتقبيل»، وهي تعني بلهجة السوق أن المحل معروض للبيع لمن أراده، يضيف سلطان، اتصلت برقم الهاتف الموجود باللوحة، واتفقت مع صاحب المحل على شراء المكتب بسعر 12 ألف ريال (3.2 ألف دولار) - المهم - ذهبت لمدير السجن، واستقلت، وبدأت عملاً تجارياً جديداً بدأ يتطور رويداً رويداً، حتى وجدت نفسي أقدم استقالتي من العمل معلماً، وفعلاً وجدت ما قاله التاجر المفلس لي صحيحاً، فقد كنت أكسب في الصفقة أضعاف أضعاف مرتبي أو مرتبيّ، مرتب المعلم ومرتب السجن.
يضيف، كنت موظفاً بسيطاً ولكن ومن داخل السجن وجدت من نورني وحفزني لأبدأ بعملي التجاري مُنعتِقاً من السجن ومرتبه.
ولأبدأ حياة عملية مختلفة عما سبق، ولأجد صفقة تجارية واحدة تعادل مرتب عام.
هذا الشاب وُجد في سوق العمل، ووجد الفرصة فعانقها ليصبح من رواد الأعمال بدلاً من موظف. ودمتم.