علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

مَن استطاع سبيلا

نحن الآن في موسم الحج، ويرى البعض من جميع أنحاء العالم أن الحج فرصة اقتصادية للسعودية... فهل هذا صحيح؟
واقع الحال أن كثيراً من المسلمين، لا سيما أولئك الذين أتوا إلى الحج، يدركون إدراكاً يقينياً أن الحكومة السعودية تخسر في الحج، فعلى مدار سنوات عديدة، بل عقود، والحكومة السعودية تعطي أولوية للحرمين الشريفين، الحرم المكي والحرم النبوي، وتقوم بتوسعتهما لاستيعاب الحجيج والزائرين، ثم تطوير البنية التحتية للمشاعر المقدسة بشكل دوري، وتصرف على البنية التحتية بسخاء شديد ليكون استرجاع قيمة البنية التحتية أمراً مستحيلاً؛ لعدة أسباب، أهمها عدم أخذ الحكومة السعودية رسوماً على الطرق، ولو أخذت فستكون مشاعر الحج مستثناة من الرسوم.
ثانياً، قصر مدة الحج. ثالثاً، أن الحكومة السعودية تُسخّر كل إمكاناتها للحج وبالمجان، بدءاً من الطواقم الطبية، وصرف العلاج للحجيج مجاناً.
ثم توفير طواقم الأمن التي توفر الأمن للحجيج، طواقم الهلال الأحمر، الكشافة والقائمين بالخدمات الأخرى من الوزارات، من وزارة الحج، والإعلام، والشؤون الإسلامية، وغيرها، وهؤلاء تدفع رواتبهم الحكومة السعودية ليقدموا خدماتهم للحجيج مجاناً، مما يرفع تكلفة الحج على الحكومة السعودية مقابل عائد صفري.
وعلى الرغم من ذلك نجد الحكومة السعودية تفرح بنجاح موسم الحج رغم عائده الصفري!!
ونحن نشاهد الحجيج منذ قدومهم يقدمون على متن وسائل نقل محلية من بلدانهم، سواء كانت هذه الوسائل طائرات أو بواخر، ويُستقبلون بالهدايا من قبل السعوديين.
تحدثت بشكل موجز عن بعض خسائر الحكومة السعودية في موسم الحج، وبقي أن أذكر أن كثيراً من السعوديين يقدمون خدمات للحجيج كمتبرعين، سواء بالجهد، أو المال، فهناك من يُسيرُ الشاحنات المليئة بالمياه الصحية، والعصائر، والثلج، ووجبات الإفطار والغداء والعشاء مجاناً، وأعتب على المرور المشرف على الحج، الذي يمنح التصاريح لشاحنات فاعلي الخير بعدم إخراج إحصائيات هذه الشاحنات للإعلام، ليعرف العالم أن السعودية حكومة وشعباً تُسخّر إمكاناتها لخدمة الحجيج دون مقابل سوى ابتغاء مرضاة وجه الله.
وبعض الحجيج يأتي إلى الحج رغم ضعف إمكاناته، مع أن شعيرة الحج، رغم عظمها، لا تجب إلى لمن استطاع إليه سبيلا. ودمتم.