مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

يا غافلاً لك الله!

كنت إلى قبل مدّة إذا ذهبت إلى (السوبرماركت)، لكي أشتري بعض المأكولات والفواكه التي يحبها قلبي، لا أشتريها إلّا بنفسي وأرفض أن أكلف غيري بشرائها، لأن عندي للأسف صفة (الشك) وعدم الثقة بالآخرين.
وكنت إذا أتيت بها للمنزل، أحرص على تنبيههم بتخزينها، ولا يأكل منها أحد غيري مهما كان من في المنزل ولا حتى من الضيوف القلائل الذين أستقبلهم في (السنة حسنة).
ولفت نظري أنه إذا مرّت فترة قصيرة وطلبت منهم أن يقدموا لي صنفاً معيناً لكي آكله، أتفاجأ بهم يقولون لي إنه (خلص)، ويخامرني (الشك) أنهم هم الذين أكلوه، وكثيراً ما (ردحت) لهم بكل الألفاظ التي لا ترحم.
إلى أن صارحني مستخدم يعمل عندي منذ سنوات، عندما جلس معي وخطأني على طريقتي بالمشتريات قائلاً لي بالحرف الواحد: إنك غلطان بطريقتك عندما تشتري أي صنف من المأكولات الموضوعة على الرف أمامك، لأن صلاحيتها على وشك النهاية، وكان يجب عليك أن تشتري المخبأة التي هي خلفها، لهذا هم يتلفونها سريعاً في المنزل خوفاً عليك من التسمم، فلا تظلم الآخرين بكثرة شكوكك، وصمت لأنني عرفت أنه (ألقمني حجراً)، وأخذت أبحث وأتقصّى ووصلت إلى حقيقة (تدينني ولا تدينني) في الوقت نفسه، وإليكم الواقع كما هو:
فقد أشار تقرير حديث إلى التباس في مفهوم تاريخ الصلاحية الذي تحمله المنتجات الغذائية كافة ما يتسبب في إهدار مصادر غذائية تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات سنوياً بالولايات المتحدة وحدها.
وهناك مفهوم خاطئ شائع بين معظم المستهلكين الأميركيين بأن تاريخ نهاية الصلاحية يعني عدم صلاحية المواد الغذائية للاستهلاك بعد حلول ذلك التاريخ.
ولفت إلى أن تاريخ الصلاحية مؤشر فقط على أن المنتج طازج وأن انتهاءه لا يعني عدم صلاحيته للاستهلاك الآدمي، كما وجد أن 90 في المائة من الأميركيين يلقون بطعام صالح للاستهلاك وأن 40 في المائة من سلسلة الغذاء بالولايات المتحدة تنتهي في القمامة سنوياً - هذه النسبة هي في أميركا، فما هي (النسبة عندنا) يا ترى؟!
وأكد الخبراء ممن شاركوا في إعداد التقرير، أنهم ليسوا ضد ملصقات تحديد الصلاحية الذي جرى استحداثه لتوفير المزيد من المعلومات للمستهلك بشأن المنتج، وهذا يعني أنه من المهم أن يعلم الناس كيفية استخدام هذه البيانات، وما نبتغيه من توضيح المعلومات لتفادي الالتباس والمساهمة في تجنب الإهدار – انتهى.
ولي الآن أكثر من ستة أشهر لم تطأ قدماي - جعلها للكسر - أي سوبرماركت و(يا غافلاً لك الله)!!