تيموثي أوبراين
TT

ماسك و«تويتر»... المال أولاً

صرّح إيلون ماسك في تغريدة على «تويتر»، في وقت مبكر من يوم الجمعة الماضي، أن تسلمه للشركة «مُعلق بصفة مؤقتة انتظاراً للتفاصيل التي تدعم الحسابات القائلة بأن الحسابات (المزيفة - غير المرغوب فيها) لا تمثل في الواقع سوى أقل من 5 في المائة من المستخدمين».
ربما يكون ماسك جاداً في هذا الشأن. أو ربما يمزح ويستغل تواصله الواسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليمزح مع المستثمرين، وموظفي شركة «تويتر»، والصحافيين، ودعاة حرية التعبير، وغيرهم ممن كانوا يتابعون ردود الفعل الناجمة عن هذه التغريدة. (وبعد بضع ساعات نشر تغريدة أخرى، مفادها أنه لا يزال ملتزماً بالاتفاق).
إنني جاد تماماً من زاوية «ماسك جاد في هذا الأمر، لكنه يجد أسباباً غير جدية لتفسير سبب تأرجحه». كما أنه كذلك من زاوية «كنت أفكر في شراء ذلك المنزل، ولكن الاتفاق معلق بانتظار التفاصيل حول ما إذا كان هناك نمل أبيض في بعض قطع أخشاب الفناء. لا يزال لديّ كثير من المال، ويمكنني الحصول على رهن عقاري من البنك، صدقوني. لا يتعلق الأمر بالمال».
أشك في أن تردد ماسك حول شراء «تويتر» له علاقة بالمال، ولا علاقة له بعدد الروبوتات التي تتزايد حول المنصة. لكنه لا يريد الإفصاح عن ذلك. إذا أراد أغنى رجل في العالم أن يكون أكثر صدقاً حول ما يحدث، ربما عليه الاعتراف بأن بطاقته الائتمانية الأساسية (أي أسهمه في شركة تسلا) ليست لديها قوة الشراء التي كانت تملكها من قبل.
كان ماسك قد صرح الشهر الماضي أنه يريد شراء «تويتر» مقابل 43 مليار دولار، في حين كان لديه 3 مليارات دولار فقط من السيولة النقدية. معظم ثروة أغنى رجل في العالم، التي زادت إلى نحو 259 مليار دولار في ذلك الوقت، كانت مرتبطة بأسهمه في «تسلا». ومنذ ذلك الحين، فقدت أسهم «تسلا» نحو 36 في المائة من قيمتها، وانخفض صافي ثروة ماسك إلى نحو 215 مليار دولار.
صرّح ماسك قائلاً بالأساس إنه سوف يضع 21 مليار دولار من أمواله الخاصة في الصفقة، ربما من خلال بيع جزء من أسهم «تسلا». وقد باع ما يقرب من 8.5 مليار دولار من أسهم «تسلا» منذ ذلك الحين. وكانت البنوك تعتزم تزويده بقرض هامشي بقيمة 12.5 مليار دولار، ويضمن هذا القرض 62.5 مليار دولار إضافية من أسهمه في «تسلا». وسوف يتم تمويل بقية سعر الشراء والتكاليف الأخرى بنحو 13 مليار دولار من الديون التي سوف تتحملها شركة «تويتر».
وتغيرت الشروط منذ ذلك الحين. وقد وجد ماسك أن المستثمرين على استعداد لتقديم 12.5 مليار دولار أخرى حتى لا يضطر إلى ذلك القرض الهامشي وربط مزيد من حصته في «تسلا». وبرغم ذلك، فإن سوق البورصة كانت في انحدار مؤخراً، ولم يعد أعزاء النمو الباهظ (مثل تسلا) محبذين. كل هذا يمكن أن يتغير، بطبيعة الحال، ولكن عليّ أن أتخيل أن حقائق السوق، والمستثمرين الساخطين في «تسلا»، والمحفظة الفارغة، كانت بمثابة نداءات إيقاظ لماسك.
ذلك أن تغريدة ماسك حول عدد الحسابات الوهمية على «تويتر» مرتبطة بمقالة إخبارية لـ«رويترز» عمرها 11 يوماً. ولو كان ذلك من دواعي إلغاء الصفقة بالنسبة إليه، لكان بوسعه أن يقول ذلك آنذاك. لكن سوق الأسهم لم تكن تتدهور بنفس السرعة في ذلك الوقت أيضاً.
لقد تمكن ماسك من استخدام عرضه لـ«تويتر» لضمان مزيد من الاهتمام بكل الأمور التي لا تُعجبه فيها. فقد غرّد بأنه رغم تفضيله أن يكون «مرشحاً أقل إثارة للخلاف» على منصب الرئيس في عام 2024، فإنه يعتقد أن «تويتر» يجب أن ينهي حظره للرئيس السابق دونالد ترمب. وفي هذا السياق، يبدو أن تعبير «أقل إثارة للخلاف» يشكل وسيلة مهذبة لقول «الشخص الذي لم يحرق الدستور ويحاول الانقلاب». لكن ماسك لا يبدو منزعجاً من تلك الفروق الدقيقة، التي بالطبع تجعله رئيساً مشكوكاً فيه بالنسبة إلى مستقبل «تويتر».
كما يعاود ماسك الإشارة بشكل روتيني إلى أنه يعتبر نفسه «مُؤيداً لحرية التعبير»، ويريد من «تويتر» أن يتبنى نهجاً أكثر حرية في التعامل مع المحتوى. ومع ذلك، فهو يتمتع بسجل حافل من إخماد حرية التعبير. كما أنه قال مؤخراً: «إذا كانت هناك تغريدات خاطئة وسيئة، فإما أن تُحذف أو تختفي عن الأنظار، والتعليق (أي التعليق المؤقت) مناسب، ولكن ليس الحظر الدائم».
كل هذا يصبح صعباً. هل السبب الحقيقي وراء قول ماسك إنه مؤيد لحرية التعبير، أنه ليس عليه تحمل أعباء وتكاليف تحسين الإشراف على محتوى «تويتر»؟ هل السبب الحقيقي الذي جعله يقول إنه مؤيد أنه يريد أن يكون «تويتر» منصة أكثر صداقة لبعض متخصصي التضليل اليميني المتطرف، الذين تنشأ لديه صلة بهم؟ إذا كان جاداً في تتبع «التغريدات الخاطئة والسيئة»، فكيف سيفعل ذلك؟
هذه قضايا معقدة، وربما لعبت أيضاً دوراً في إقناع ماسك بالتراجع عن محاولته الاستحواذ على «تويتر». ولكن أعتقد أن كل شيء يتعلق بالمال.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»