سليمان الحربش
TT

في ضيافة إمام جامع عقبة بن نافع

لليوم الثالث على التوالي يكتب الأستاذ سمير عطا الله عن مدينة القيروان، هذه المدينة وجامعها المعروف بجامع عقبة تحتل مكانة خاصة في نفسي.
عندما كنت تلميذاً في مدرسة الرس السعودية درسنا الفتوحات الإسلامية ومنها ما قام به القائد العظيم عقبة بن نافع في بلاد المغرب وكنا نتبارى في ترديد مقولة حماسية تنسب له وهو يقف على شواطئ المحيط الأطلسي أو كما عرفه المسلمون ببحر الظلمات هي:
رباه وعزتك وجلالك لولا هذا البحر لظللت مجاهداً في سبيل إعلاء الراية العربية (الإسلامية).
دارت الأيام وقمت بزيارة رسمية إلى تونس عندما كنت مديراً عاماً لصندوق الأوبك OFID. شملت الزيارة مدينة القيروان وجامع عقبة بناء على طلبي.
توقفت السيارة عند باب الجامع وعندما نزلت تقدم نحوي رجل ربع القامة قال والبسمة تعلو محياه:
مرحباً بمن يمتصون دماء الشعوب، كان واضحاً أنه يقصد بهذه الدعابة الثقيلة منظمة «أوبك»، وكان هذا سبباً كافياً للبحث عن اسم يميز صندوق الأوبك عن غيره من المنظمات.
سلمت عليه وأنا أبادله الابتسامة وأقول من أنت يا سيدي وهل ترى دماً؟ عرفت أنه إمام الجامع الشيخ محسن التميمي.
دخلنا الجامع وأديت مع زملائي تحية المسجد ثم أخذني إلى غرفة بجوار المحراب عرفت أنها المختصر، قلت له مداعباً أنت إمام الجامع، وعادة أنت سيد الموقف في هذا الصرح العظيم، لكنني في هذه الغرفة أستميحك عذراً سآخذ الكلمة منك: فأشار برأسه موافقاً، فشرعت أشرح له الفرق بين «أوبك» و«أوفيد»، وأن فكرة إنشاء صندوق «أوبك» لمساعدة إخواننا في الدول النامية ومنها تونس ولدت في مكان ليس بعيداً عنا وهو الجزائر خلال القمة الأولى لمنظمة «أوبك» 1975، تدخل مستوضحاً بعض النقاط فعلمت منه أنه عضو بالبرلمان فزادت حماستي واستأذنته بشرح المهمة النبيلة التي تقوم بها دولنا وعلى رأسها المملكة لاستقرار السوق البترولية، وما يقوم به «أوفيد» في ضمان استقرار حياة الملايين من المحتاجين في الدول النامية، وذلك من خلال تمويل شتى المشاريع بقروض ميسرة أو هبات.
وعندما رأيت الشيخ التميمي مصغياً شرحت له العلاقة بين أسعار البترول وما تجنيه الدول المستهلكة من ضرائب على استهلاك المنتجات البترولية في بلدانهم، وأن هذه الدول تجني من هذه الضرائب نسبة تفوق ما يعود للدول المصدرة وهي «أوبك»، ولحسن الحظ كان معي جدول كانت «أوبك» تنشره بعنوان Who is gettingWhat from a barrel of oil يوضح ويفضح تلك الأكذوبة. وعندما انتهيت علمت من الشيخ التميمي أنه مدعو لمائدة الغداء التي سيقيمها والي المدينة على شرفي فاتفقنا على العودة إلى هذا الموضوع الذي شد انتباه إمام الجامع، وقلت له مودعاً لعل موضوع ما تتعرض له دولنا من دعاية مغرضة يكون موضوعاً لإحدى خطبك، إما في الجامع أو في البرلمان وافترقنا والبسمة تعلو محيا إمام الجامع وهو يتمتم: ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.
صدق الله العظيم.