مورين دوود
TT

هل يمكن للديمقراطيين تفادي {يوم القيامة}؟

قد نكون في عالم «تيك توك»، ومع ذلك فإنه في بعض الأحيان تكون الأدوات القديمة هي الأفضل. على سبيل المثال نجد أم جيمس كارفيل ساعد بيل كلينتون على الفوز في الانتخابات، رغم الصعوبات الشديدة التي كان يواجهها. وبالمثل، قدم ديفيد أكسلرود يد العون إلى باراك أوباما وساعده في الفوز في الانتخابات في مواجهة صعوبات كبرى.
وكان ستان غرينبرغ أول من لفت الأنظار إلى وجود تيار الديمقراطيين الريغانيين (نسبة إلى ريغان) الذي سيؤدي حتماً إلى الهلاك.
وقد تحدث الديمقراطيون الثلاثة بصراحة مذهلة حول النهاية الوشيكة للحزب الديمقراطي. الواضح أن كثيراً من الأميركيين قد ضاقوا ذرعاً. وتسببت الاستجابة المشوشة لجائحة فيروس «كوفيد - 19» في مزيد من التآكل في الثقة المهترئة بالفعل في الحكومة. وفي الوقت الذي تئن فيه أميركا تحت وطأة التضخم، تلوح الحرب في الأفق، وثمة شعور عام بأن الأمور في مجملها تخرج عن نطاق السيطرة، الأمر الذي دفع الناس للشعور بالتوتر وإعادة تقييم حياتهم. واليوم، بات لزاماً على الديمقراطيين التعامل مع هذا الوضع.
وبينما يقوض الديمقراطيون أنفسهم، يفعل الجمهوريون كل ما بوسعهم للحيلولة دون إنجاز الديمقراطيين لأي شيء، وبعد ذلك ينتقدونهم بسبب عدم فعلهم أي شيء. أما الناخبون، فيحلو لهم معاقبة من هم في السلطة. وإذا لم يكن الديمقراطيون قد أدركوا ذلك بعد، أود هنا أن ألفت نظرهم إلى أن جيم غوردون سيتولى إدارة مجلس النواب قريباً وسيدفع لإجراء تحقيقات مع بايدن وهيلاري.
من ناحيتهم، لا يبدو الأميركيون، بكل ما يعتمل في دواخلهم من إنهاك واضطراب وعزلة وإحباط، مقتنعون بما يروج له الديمقراطيون حول أن الأوضاع في حقيقتها أفضل مما تبدو عليه.
في الواقع، كان من المفترض أن الميزة الكبرى لبايدن تكمن في قدرته على التعاطف مع الآخرين ـ لكن لا أحد يشعر بذلك اليوم. من ناحيته، علق أكسلرود على هذا الأمر بقوله، متحدثاً عن بايدن: «إنه يحرم نفسه من أقوى الأصول التي يتمتع بها: التعاطف والقرب من الحياة اليومية للناس. إن واحدة من نقاط القوة التي يحظى بها بايدن، في أوج تألقه، أنه يتحدث لغة أميركا، وليس لغة واشنطن. إلا أنه اليوم أصبح يتحدث بلغة الحكومة على نحو متزايد. وعليه أن يعاود سيرته الأولى.
وأضاف قائلاً: «لقد أخبرني غاري هارت يوماً بأذكى مقولة سمعتها بمجال السياسة: «دائماً ما تكون واشنطن آخر من يعرف الأخبار».
ويعي أكسلرود، من الأيام التي قضاها في البيت الأبيض، أن فريق العمل المعاون لبايدن محبط، بسبب شعورهم أن الجمهور لا يقدر إنجازاتهم، ولا يفهمون السبب. أما مستشارو بايدن، فيحثونه على بذل مجهود أكبر للترويج للإنجازات التي تحققها الإدارة، وحينئذ سيدركها الناس.
من ناحيته، لا يتفق أكسلرود مع هذا الطرح، ويرى أنه: «لا يمكنك إقناع الناس بأمر ما إذا كانت تجربتهم الحية تخبرهم بشيء مختلف. لقد عايشنا جحيماً هنا داخل الولايات المتحدة وبمختلف أرجاء العالم».
في مقال رأي له، أعرب أكسلرود عن اعتقاده بأنه ينبغي لبايدن تجنب الحديث بنبرة انتصار «غير تقليدية» في خطابه عن حالة الاتحاد، وأن يضع نصب عينيه حقيقة أن البلد يعاني من صدمة نفسية.
من ناحيته، أعاد كارفيل مراراً النقاط التي سبق له طرحها خلال مقابلته مع «فوكس» وغيرها: أنه لا ينبغي تعريف الديمقراطيين بناءً على جناح اليسار داخلهم، ولا ينبغي التغاضي عن الشعارات المسيئة، مثل «أوقفوا تمويل الشرطة». وأكد أنه يتعين على الحزب الديمقراطي العمل بجد كي يتجنب أن يبدو «حزباً حضرياً ساحلياً متغطرساً»، يمارس السياسة على نحو يليق بأكاديميين ويستميل العقل، أكثر عن استمالته للعاطفة.
وقال عن المعركة التي اشتعلت بين الديمقراطيين والتي انتهت بإقدام الناخبين على فصل ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة المدارس ينتمون لتيار اليسار المتطرف، والذين طلبوا وقف التعلم الشخصي لفترة طويلة أثناء فترة الجائحة، وإطلاق أسماء جديدة على المدارس التي تحمل اسمي أبراهام لينكولن وجورج واشنطن، إن: «سبعين في المائة من الأشخاص داخل سان فرانسيسكو حاولوا تحذيرنا».
وعن أمثال هؤلاء اليساريين المتطرفين، قال كارفيل: «لا يحظون بالشعبية»، ثم أضاف موجهاً حديثه إليهم مباشرة: «الناس لا يحبونكم».
وأعرب عن اعتقاده بأن الأميركيين يعانون اليوم من حالة من «الارتباك والفوضى».
وأبدى شعوره بالارتباك والحيرة إزاء موقف الجمهوريين الموالين لترمب. وقال: «لو أن هناك أمراً توحدت صفوفنا جميعنا خلفه، فهو فكرة أنه لا يمكننا الوثوق في الروس. الآن، نجد أن محطة «فوكس» تبدي دعمها للروس». (يذكر أن تكر كارلسون تساءل: «لماذا من الخيانة أن يقف المرء إلى جانب روسيا، بينما من الوطنية أن يقف لجانب أوكرانيا؟»).
وفي مقال اتسم بنبرة صريحة للغاية في «أمريكان بروسبكت»، حذر غرينبرغ الديمقراطيين من الإشارة إلى أوباما في حملاتهم الانتخابية أو تقديم أنفسهم باعتبارهم حزب أوباما.
في وقت مضى، ظن الديمقراطيون أن التعدد العرقي الذي يتميز به أوباما يمكنه بث الروح في أوصال الحزب، لكن فشله في محاكمة أي مصرفيين بعد الانهيار الوشيك للاقتصاد، أجج المخاوف من أن «وول ستريت» وواشنطن يد واحدة.
وكتب غرينبرغ أن: «أوباما لم يعبر عن الأذى والغضب الذي شعر به ناخبو الطبقة العاملة»، مضيفاً أن القادة الديمقراطيين «توقفوا عن الدفاع عن العمال في مواجهة تجاوزات الشركات وتوقفوا عن التحدي المتمثل في الفساد الاستثنائي الذي سمح لأصحاب المليارديرات و«وول ستريت» بالهيمنة على الحياة السياسة. وكانت النتيجة فقدان الحزب الديمقراطي قدرته على التواصل مع جميع أبناء الطبقة العاملة، بما في ذلك أبناء قاعدته الانتخابية».
وخرجت «أسوشييتد برس» بعنوان يقول إن الديمقراطيين يخشون تعرضهم للفناء داخل المناطق الريفية من البلاد.
أما غرينبرغ، فقال إنه سئم من محاولاته تحذير الديمقراطيين من أنهم يدفعون الناس بعيداً عنهم. وقال إن الديمقراطيين يساورهم القلق إزاء ترمب وأنصاره، لكنهم في الوقت ذاته يفقدون ناخبيهم من أبناء الطبقة العاملة، بما في ذلك الناخبون من الأقليات الأخرى، وكذلك أصحاب الأصول اللاتينية. وأضف: «إذا لم ينصتوا هذه المرة، سينتهي بهم الأمر إلى الفاشية».