مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

الحوثي يدفع ثمن رفضه للسلام

لقد تعرضت الدول العربية للإرهاب والتدخل الممنهج من قوى خارجية، حتى أصبح كل عمل إرهابي يبدأ بالخلط، وينتهي بالالتباس، وتعدد الأطراف فيه، ونكتب ملخصات شبه متفق عليها، لأن الدوافع والأهداف متعددة، وكل لها استراتيجية مختلفة، فالإرهاب يحظى بدعم بعض الدول وله أنصاره وممولوه، فكثير من الفضاءات مفتوحة أمام مسار التحولات، واليمن اليوم ضحية لإرهاب الحوثي الذي باع بلاده لإيران، فالضربات القوية ضد الحوثيين لاجتثاث خطرهم وتدمير منظومة أسلحتهم الثقيلة ستعجل بحل أزمة اليمن، إذ إن الحوثي الآن يتعرض لأكبر خسارة مع شركائه، وفي مقدمتهم «حزب الله» الإرهابي.
فالمملكة والخليج ليس لهما مصالح سوى إعادة السلام والأمن في اليمن، وفسر الحوثي هذا الصبر الاستراتيجي بطريقة خاطئة، واستمرت الميليشيا الحوثية في إطلاق الصواريخ التي بلغ عددها الآن 430 صاروخاً باليستياً و851 مسيرة و100 زورق مفخخ باتجاه السعودية، ولإيقاف هذا الهجوم الإرهابي أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن أن التحالف استهدف مخازن للحوثيين بمعسكر التموين بصنعاء، ومع انتهاء المهلة التي أعلن عنها لميليشيا الحوثي لإخراج الأسلحة من ملعب الثورة الرياضي في صنعاء، حسمت قوات التحالف الأمر بعد أن أرخى الليل سدوله، وتم تدمير الأسلحة، ففضحت أجهزة الاستخبارات المتآمرين والخونة، وكشفت معسكرات وورش تفخيخ الطائرات المسيرة للميليشيا في مطار صنعاء، وعملياتها تدل على قدرة التحالف على تحديدها وتدميرها.
بينما الدول العظمى الدائمة العضوية في مجلس الأمن اليوم تترجم الحقائق إلى مصطلحات اجتماعية، وغاياتها تفاعل سهل ومحكم، بعضها مع بعض، عندما تعلق الأمر بتحمل المسؤولية تعاملت معها كمهمة بوصفها تحديات تخضع لكثير من العلاقات والمصالح، وتتضمن عوامل غريبة ومشكلات من دون حل، فالبعض تنازل عن هيمنته وفخره ومجده، وأظهر عجزه عن طرح خيارات أو حلول للحد من تدخلات إيران في الدول العربية، ومنها اليمن، الذي أصبح قسم منه يفتك به نظام إرهابي قاتل.
مع ذلك، فإن الأحداث المتلاحقة تبدو ساعية إلى أن تكرس نفسها؛ حيث لا يجري شيء كما هو ظاهر، فالسفير حسن إيرلو كان أحد ضباط «الحرس الثوري» الإيراني في اليمن، وأعلنت «الخارجية الإيرانية موته بـ(كورونا) كما زعموا متأثراً بإصابته بالفيروس خلال القيام بمهمته»، وأن «السعودية تأخرت» في نقله، لذلك تتهمها بالتقصير، وانصبت جهودها الإعلامية بالنقد واللوم، وسفيرهم المزعوم قائد عسكري يشرف على الحوثي وعملياته الإرهابية، ولكن يبدو أن التقليل من أهمية التهويل الحاسم ألغى الطابع الدرامي لقصصهم المفبركة، وظهرت الحقيقة الدامغة بأن إيران تجمع ما بين العسكري والدبلوماسي والأمني والسياسي في خانة واحدة، يقودها فكر ثوري وطائفي.
والصواب هو أن المملكة باشرت تسهيل نقل المذكور لاعتبارات إنسانية بعد أقل من «48» ساعة من الإبلاغ عن حالته الصحية. كما قال العميد الركن تركي المالكي، ولكن اليوم انتهت الافتراضات والتوقعات، وتوقفت المراوغة الإيرانية، ونشرت المملكة الصور والأدلة والبراهين أن مطار صنعاء ثكنة عسكرية، يقيم فيها «الحرس الثوري الإيراني» و«حزب الله» لاستخدامات عسكرية، يتم من خلاله إطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه السعودية لقتل المدنيين.
يمكن قول الشيء ذاته إلى أبعد حد فيما يتعلق بكارثة اليمن التي هي من صنع الحوثيين الذين يريدون أن يتحكموا في مصير دولة كبيرة ومتنوعة بنسيجها الاجتماعي، مستغلين حالة التقاعس من المجتمع الدولي، الذي أرخى الحبل لإيران لكي تعبث بالمنطقة من منطلق طائفي، وهي التي تحلم بأن تنهب ثروات وخيرات الدول العربية، وتزرع مشروعات إرهابية في قلب العالم العربي لزعزعة استقراراه. وما الحوثيون إلا أداة لهم، كما هو حال «حزب الله» بلبنان، فهؤلاء خونة الأمة وأكبر خطر على أوطانهم، يشرعنون الاحتلال الإيراني فيها، وهم في الحقيقة أجندة خاسرة، لا يذكرهم التاريخ إلا في صفحة الخيانات العظمى.