علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

مسؤولية من؟

عند طرح جزء من أي شركة جديدة في السعودية للاكتتاب العام، يثور نقاش طويل بين أفراد المجتمع. وبعض هذه الطروحات يدلل على أن البعض من هؤلاء غير واعٍ بقوانين الطرح وإجراءاته، فمثلاً تراه يحمِّل هيئة سوق المال فشل الشركة، ويستشهد بفشل شركة «المعجل» وفشل شركة «الخضري»، غير مدرك أن مهمة هيئة سوق المال هي الموافقة على الطرح متى ما وافق القواعد المنظمة لديها. وليس من مسؤوليتها إدارة الشركة أو متابعة مواقفها المالية، إلا من خلال ما تفصح عنه الشركة من قوائم مالية ربع سنوية وسنوية، مثلها مثل بقية المتعاملين. ولعل المراقب يلحظ أن هيئة سوق المال السعودية تختتم تقاريرها بعبارة: «دون أدنى مسؤولية».
ومثلما فشلت الشركتان السابقتان، فإن هناك شركات في السوق تحتضر، وهذا أمر طبيعي، فالشركات إما أن تنجح، وإما أن تفشل، وإما أن تظل مكانك راوح!
وعلى حمَلة الأسهم مراقبة الموقف المالي المعلن كل ثلاثة أشهر، وتقرير ما إذا كان سهم الشركة يستحق الاستثمار فيه أم التخلص منه.
بعد هذا النقاش المستفيض، يتوجهون بالاتهام لصاحب الشركة أو أصحاب الشركة، ويرون أن هذا الطرح عبارة عن ضحك على الذقون، وأن علاوة الإصدار مبالغ بها لدرجة الجنون، وقد يصدق هذا القول أحياناً، وقد لا يصدق، وعلى المستثمر أو المكتتب أن يعزف عن الاكتتاب متى شعر بأن سعر الطرح مبالغ فيه، أو الاكتتاب، إذا رأى ذلك مناسباً.
وهم يرون أن صاحب الشركة أو أصحاب الشركة قد أخذوا أضعاف قيمة الشركة عبر طرح 30 في المائة منها، مع الاحتفاظ بالبقية وقدرها 70 في المائة. وقد يكون في هذا الأمر شيء من الصحة، وعلى هيئة سوق المال السعودية تطوير آليات الطرح، بحيث تجبر من يبنون الأوامر على توخي السعر العادل، ومن ذلك إطالة أمد فترة الحجز.
وقد يتناسى المتعاملون أن من طرح أسهم الشركة يرغب في الحصول على بعض الامتيازات، منها الحصول على علاوة الإصدار، ومنها إطالة عمر الشركة، كما يرى نفسه مضحياً ببعض الامتيازات النسبية، منها أن أرباحه لا يعرفها إلا هو ومحاسب الشركة، بينما بعد الطرح هو مجبر على إعلان الموقف المالي للشركة كل ثلاثة أشهر.
من أواخر الشركات التي طُرحت، شركة «سلوشنز»، وهي تابعة للاتصالات السعودية، وشركة «أكواباور»، وشركة «المنجم». وسأقصر الحديث على الشركتين الأخيرتين؛ لأنهما ملكية فردية، فشركة «أكواباور» نشاطها الطاقة المتجددة، وتعمل في الأسواق الخارجية قبل المحلية، وما يدلل على قوة الشركة أن صندوق الاستثمارات العامة يستثمر بها. أما شركة «المنجم» فتعمل في مجال الأغذية، وعمرها الزمني أكثر من 60 عاماً، وقد كانت لأصحابها خصوصية في موازناتهم، لتنتفي هذه الخصوصية بعد الطرح. ودمتم.