بلينكن لبنيت: توسيع الاستيطان يعرقل السلم ويثير التوتر

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

بلينكن لبنيت: توسيع الاستيطان يعرقل السلم ويثير التوتر

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أبرز فيه الإعلام الأميركي والإسرائيلي قضية النووي الإيراني في الاتصال الذي جرى بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كشفت مصادر في تل أبيب أن موضوع قرارات توسيع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، احتل حيزاً في الاتصال.
وقالت المصادر إن بلينكن طالب بنيت بضرورة وقف الاستيطان في الضفة الغربية والامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب. وأكد أن القرارات الصادرة لتوسيع الاستيطان من شأنها أن تزيد التوتر، وأن تعرقل الجهود المبذولة لإحياء مفاوضات التسوية السلمية.
وذكرت المصادر أن طلب بلينكن هذا يعتبر خامس أو سادس رسالة توجهها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لحكومة بنيت منذ توليها زمام القيادة في إسرائيل، في يونيو (حزيران) الماضي. وقال موقع «واللا» الإخباري في تل أبيب، إن هذا الموضوع كاد يفشل لقاء بنيت - بايدن، في أغسطس (آب) الماضي، إذ إنه عمل على إقرار بناء 2500 وحدة سكن في المستوطنات قبيل سفره إلى واشنطن، لكن موظفي المجلس الأعلى للبناء أعلنوا إضراباً نقابياً في ذلك الوقت وتأجل صدور القرار.
وخلال اللقاء الانفرادي بينهما، قال بايدن إنه يتوقع من بنيت أن يلجم مشاريع الاستيطان ويمارس ضبط النفس بشأن الموافقة على أي عمليات بناء جديدة. ورد بنيت بأن إسرائيل تبني في المستوطنات فقط بما يتوافق مع احتياجات «النمو الطبيعي». ولكن عندما عاد بنيت من واشنطن، التقى بعض قادة المستوطنين، وقال إنه رفض طلب بايدن بخصوص المستوطنات، ويبدو أن هذا أحد أسباب شعور الإدارة الأميركية بالحاجة إلى نقل الرسالة بشأن المستوطنات.
وبعد عودة بنيت إلى إسرائيل، قام القائم بأعمال السفير الأميركي في إسرائيل مايكل راتني، بالاتصال مع مسؤولين كبار في مكتب بنيت، وأبلغهم بأن إدارة بايدن تريد أن ترى أن هناك حالة من ضبط النفس والحد من التخطيط والبناء الجديد في المستوطنات. كما أثار راتني المخاوف الأميركية بشأن احتمال البناء المستقبلي في المنطقة الحساسة المسماة E1 بين القدس ومعاليه أدوميم، ما يؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية ومناطق في القدس، ومنع إقامة دولة فلسطينية ذات استمرارية إقليمية.
وبحسب مسؤول في الإدارة الأميركية، فإنه منذ الاجتماع بين بايدن وبنيت، كانت الإدارة على تواصل أسبوعي مع الحكومة الإسرائيلية بشأن قضية المستوطنات، وهي تطلب منه ألا يتسبب في جعل قضية المستوطنات بؤرة توتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، وهو يؤكد لها رغبته في تجنب أخلاف ومحاولة الوصول إلى تفاهمات عبر قنوات هادئة.
المعروف أن إسرائيل أقامت في أنحاء الضفة الغربية أكثر من 280 مستوطنة يقيم فيها أكثر من 440 ألف مستوطن، بينها 138 مستوطنة تعد بلدات رسمية و12 حياً في القدس تم ضمها للسيادة الإسرائيلية، وهناك نحو 150 بؤرة استيطانية لا تحظى باعتراف رسمي من الدولة. ويتم توسيع هذه المستوطنات باستمرار، حتى صارت تشكل 10 في المائة من مساحة الضفة الغربية المصادرة عنوة من الفلسطينيين. وكانت السلطات الإسرائيلية تسيطر على هذه الأراضي بوسائل رسمية، أي عبر أوامر عسكرية أو عبر إعلانها «أراضي دولة» أو «مناطق إطلاق نار» أو «محميات طبيعية» أو عبر مصادرتها، واليوم صار المستوطنون يستولون على الأرض بحماية الجيش، وعلى الغالب من خلال استخدام القوة والعنف ضد السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.