سكّ العملة... ورقة ابتزاز حوثية للحكومة اليمنية

الجماعة هدّدت بطبع فئات نقدية أخرى عقب رمضان

رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)
رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)
TT
20

سكّ العملة... ورقة ابتزاز حوثية للحكومة اليمنية

رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)
رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)

أقرّ الحوثيون بأن قيامهم بسك فئة من العملة المحلية هدفه ابتزاز الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتحالف الداعم لها بمبرر دفعهم للمضي في تنفيذ خريطة الطريق الخاصة بالسلام التي أعلنتها الأمم المتحدة نهاية العام الماضي وقالوا إنهم سينفّذون خطوات أخرى عقب شهر رمضان إذا لم يتم البدء بتنفيذ الخريطة.

وبخلاف المبررات التي ساقوها عن سبب الإقدام على هذه الخطوة وأنها لمواجهة أزمة السيولة وتلف العملة في مناطق سيطرتهم، قال إسماعيل المؤيد، المعين من قِبل الحوثيين محافظاً لفرع البنك المركزي في صنعاء، إنهم سيمضون في طباعة المزيد من فئات العملة المحلية إذا لم توقع الحكومة على خريطة الطريق.

اعتاد الحوثيون على استخدم القضايا الإنسانية والاقتصادية لابتزاز الحكومة (إكس)
اعتاد الحوثيون على استخدم القضايا الإنسانية والاقتصادية لابتزاز الحكومة (إكس)

في التصريحات التي نقلتها قناة «المسيرة» الناطقة بلسان الحوثيين، قال المؤيد إنهم يتمنون «أن تسهم خطوة إصدار فئة مائة ريال من العملة في تعجيل التوقيع علي خريطة الطريق»، ونصح من أسماهم الأطراف الأخرى بالاستجابة لدعوة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي للإسراع بالتوقيع على الخريطة وتنفيذها، وكشف عن أنهم سيمضون في التصعيد وتعميق الانقسام المالي من خلال «خطوات أخرى» سيقدِمون عليها إذا تأخر التوقيع.

ومع أن تصعيد الجماعة الموالية لإيران في البحر الأحمر وخليج عدن واستهدافها حركة الشحن التجاري كان السبب في تعثر التوقيع على خريطة الطريق التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية - عمانية وبالتعاون مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن هانس غروندبرغ، إلا أن المسؤول الحوثي الذي تحرص وسائل إعلام الجماعة على إخفاء اسمه العائلي حتى لا يعرف اليمنيون أنه ينتمي إلى سلالة الجماعة بالغ في ابتزازه للحكومة، وذكر أنهم سيدرسون إصدار عملات ورقية عقب انتهاء شهر رمضان وحسب احتياج السوق من هذه العملات.

أهداف سياسية

مصادر مصرفية ذكرت أن إجمالي التالف من العملة اليمنية من فئة 100 ريال الورقية في مناطق سيطرة الحوثيين يزيد على 12 مليار ريال (نحو 220 مليون دولار)، وفنّدت مزاعم الجماعة في إقدامها على هذه الخطوة وأنها بديلة لأوراق العملة التالفة، وقالت إن فروع البنك المركزي في مناطق سيطرة الجماعة تشترط على السكان إبراز الرقم التسلسلي لتلك الأوراق المتهالكة لضمان استبدالها بالفئة المعدنية التي تم سكها.

شروط استبدال العملة التالفة تكشف النوايا الفعلية للحوثيين من خطوة سك عملة معدنية (إعلام حوثي)
شروط استبدال العملة التالفة تكشف النوايا الفعلية للحوثيين من خطوة سك عملة معدنية (إعلام حوثي)

وأكدت المصادر أن أعداداً كبيرة من السكان ذهبوا لاستبدال العملة الورقية التالفة بأخرى من العملة المعدنية إلا أن سلطات الحوثيين رفضت ذلك واشترطت عليهم إظهار الرقم التسلسلي لكل ورقة، وشككت المصادر فيما قاله الحوثيون بأن سك العملة المعدنية هو بديل للعملة التالفة؛ إذ كيف يكون ذلك والعملة المسكوكة ليس لها أي أرقام تسلسلية.

ورأت هذه المصادر أن الغرض كان سياسياً وأن الخطوة ستعقّد الوضع المالي الذي يعاني الانقسام منذ منع الحوثيين تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية التي أصدرها البنك المركزي في عدن ونبّهوا إلى خطر عدم إفصاح الحوثيين عن الكمية المطبوعة من هذه الفئة من العملة لأن ذلك سيكون له تأثير كبير على سعر الريال اليمني في مقابل الدولار في مناطق سيطرة الجماعة.

ووفق بيانات البنك المركزي في عام 2015، فإن كمية النقود من فئة 250 ريالاً يبلغ 21 مليار ريال (نحو 400 مليون دولار) في حين تمثل فئة 1000 ريال 83 في المائة من السيولة في مناطق سيطرة الحوثيين.

وطالبت المصادر الاقتصادية بعدم الاستهانة بما أقدم عليه الحوثيون، وأكدت على ضرورة قراءتها ببعد سياسي؛ لأنها خطوة ضمن مخطط اقتصادي ونقدي لمشروع الجماعة السياسي الذي تسعى لتأسيسه من خلال فرض الأمر الواقع، وأنه لا يمكن تفسير هذه الخطوة إلا بأنها دليل آخر على موقفها الرافض لإنهاء الحرب، والمناورة بخريطة السلام لإنتاج عوامل إضافية لمواصلة الحرب.

مسمار في نعش الاقتصاد

وأكد نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في اليمن مطهر العباسي، أن إقدام الحوثيين على هذه الخطوة يمثل مسماراً في نعش الاقتصاد الموحد للبلاد، ويعمق الانقسام الاقتصادي؛ لأن طباعة العملة دون الالتزام بالضوابط والمعايير سيؤدي إلى فتح الشهية لدى الحكومة غير المعترف بها لزيادة الإنفاق العام، سواء على النفقات الجارية بما فيها المرتبات أو على النفقات الاستثمارية.

حالة التذمر الشعبي دفعت الحوثيين للمناورة في قضية السلام (إ.ب.أ)
حالة التذمر الشعبي دفعت الحوثيين للمناورة في قضية السلام (إ.ب.أ)

ونبّه العباسي إلى أن الوضع المالي والنقدي سيدخل في حلقة مفرغة، ستقود حتماً إلى تدهور سعر صرف الريال، وقد يصل سعر الدولار الأميركي الواحد إلى 2000 أو 3000 ريال للدولار الواحد (سعره حالياً في مناطق سيطرة الحكومة 1660 ريال يمني) وربما أكثر من ذلك.

ورفض العباسي مبررات الحوثيين بأنهم أقدموا على هذه الخطوة لمعالجة ندرة السيولة أو لاستبدال التالف، وقال إن هذا أمر في متناول يدهم، ويمكن معالجة ذلك بجرّة قلم، بأن يصدروا تعميماً لرفع الحظر عن استخدام العملة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في عدن، وخاصة فئات 100 و200 ريال لمعالجة مشكلة التالف من هذه الفئات، أو الفئات ذات الطبعة العريضة من فئة 500 و1000 ريال كأولوية عاجلة.


مقالات ذات صلة

لقاء سعودي - أميركي يناقش مستجدات غزة والسودان واليمن وأوكرانيا

الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه الوزير ماركو روبيو في واشنطن الأربعاء (الخارجية السعودية)

لقاء سعودي - أميركي يناقش مستجدات غزة والسودان واليمن وأوكرانيا

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، المستجدات في قطاع غزة، والسودان، واليمن، والأزمة الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع فوق متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)

​الجيش الأميركي يحافظ على وتيرته الليلية في ضرب الحوثيين

ضربت واشنطن أهدافاً مفترضة للحوثيين في 5 محافظات يمنية ليل الثلاثاء - الأربعاء فيما تحدثت الجماعة عن ضحايا في الحديدة وذمار وزعمت إسقاط مسيّرة أميركية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي منزل دمَّرته غارة أميركية في مدينة الحديدة غرب اليمن (إعلام حوثي)

حملة اعتقالات حوثية في صعدة والحديدة بتهمة تصوير القصف الأميركي

نفَّذت الجماعة الحوثية في اليمن حملة اعتقالات طالت العشرات من السكان في الحديدة وصعدة عقب الغارات الأميركية، بتهمة مخالفة التعليمات الأمنية بعدم تصوير الضربات.

محمد ناصر (تعز)
خاص طارق صالح خلال اجتماع افتراضي مع ألوية حراس الجمهورية خلال العام 2022 (إكس)

خاص طارق صالح لـ«الشرق الأوسط»: لن نقبل باليمن جزءاً من صفقات خارجية

حوار موسع أجرته «الشرق الأوسط» مع طارق صالح عضو مجلس القيادة اليمني حذر خلاله من تذويب الملف اليمني بمفاوضات أميركا وإيران، وأكد تماسك المجلس الرئاسي.

بدر القحطاني (لندن)
خاص مقاتلة «إف-18» أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (أ.ف.ب)

خاص وزير يمني: الضربات الأميركية تفقد الحوثيين 30 في المائة من قدراتهم العسكرية

تواجه الجماعة المدعومة من إيران حالة من الارتباك العميق، وفقاً لمسؤول يمني رفيع، كشف عن أن الجماعة خسرت ما يقارب 30 % من قدراتها العسكرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

وزيرة فلسطينية ترحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف قريباً بدولة فلسطين

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)
TT
20

وزيرة فلسطينية ترحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف قريباً بدولة فلسطين

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)

رحبت وزيرة فلسطينية، اليوم الأربعاء، بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في يونيو (حزيران)، مؤكدة أنها ستكون «خطوة في الاتجاه الصحيح».

وقالت وزيرة الدولة الفلسطينية للشؤون الخارجية فارسين أغابكيان شاهين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين «سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح، بما يتماشى مع حماية حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين».