«المركزي اليمني» يتخذ تدابير لوقف انهيار العملة وغسل الأموال

بإسناد من الدفعة الثانية من المنحة السعودية المليارية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)
TT
20

«المركزي اليمني» يتخذ تدابير لوقف انهيار العملة وغسل الأموال

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)

اتخذت إدارة المصرف المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة، عدن، جملةً من الإجراءات؛ لمواجهة انهيار سعر العملة الوطنية (الريال اليمني)، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضبط عمل القطاع المصرفي، مدفوعة بالدفعة الثانية للمنحة السعودية للحكومة اليمنية، البالغة 250 مليون دولار، من إجمالي 1.2 مليار.

وعلى الرغم من أن إدارة المصرف اعتمدت على طرح مزادات شبه أسبوعية لبيع العملة؛ لتغطية حاجات السوق من الدولار، وحافظت على ثبات سعر الصرف خلال الأعوام السابقة، فإن توقف تصدير النفط جراء هجمات الحوثيين على موانئ التصدير منذ ما يزيد على عام، أوقف مصادر العملة الصعبة، وتسبب في تهاوي سعر الريال اليمني إلى 1622 ريالاً لكل دولار، وهو سعر يقارب ما كان عليه قبل تعيين الإدارة الحالية للمصرف المركزي، حين بلغ 1700 ريال لكل دولار.

دعم رئاسي لاستقلالية البنك المركزي اليمني في إدارة السياسة النقدية والسيطرة على التضخم (إعلام حكومي)
دعم رئاسي لاستقلالية البنك المركزي اليمني في إدارة السياسة النقدية والسيطرة على التضخم (إعلام حكومي)

وبحسب مصادر مصرفية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الدفعة الثانية من الدعم السعودي، تعزّز قدرات المصرف المركزي على إدارة سوق العملات، والحد من تدهور سعر صرف العملة الوطنية من خلال المزادات التي توقفت خلال الأشهر الماضية؛ بسبب انقطاع مصادر العملة الصعبة نتيجة توقف تصدير النفط.

وذكرت المصادر أن إعلان المصرف المركزي فتح مزاد لبيع مبلغ 60 مليون دولار خلال هذا الأسبوع، هو إحدى الأدوات الفاعلة لوقف تدهور سعر الريال اليمني.

ومنذ تعيين رئيس الوزراء الجديد أحمد عوض بن مبارك على رأس الحكومة، الأسبوع الماضي، استمر سعر العملة المحلية في التذبذب صعوداً وهبوطاً، حيث تشهد أسواق الصرف في مناطق سيطرة الحكومة حالةً من عدم الاستقرار في ظل عدم انتظام صرف رواتب الموظفين خلال الشهرين الأخيرين. إذ سجلت محالّ بيع العملات (مساء الاثنين) 1622 ريالاً لكل دولار، من 1643 لكل دولار قبل أيام وفق ما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» متعاملون في سوق بيع العملات.

ضبط القطاع المصرفي

بالتزامن مع ذلك، وفي إطار السعي لضبط القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال، حصل المصرف المركزي اليمني على تأييد محكمة الأموال العامة في عدن لمطالبه من بعض المصارف التجارية بتمكينه من الوصول إلى بيانات العمليات المصرفية كافة، وتزويد وحدة مكافحة غسل الأموال بالبيانات اللازمة كافة للتحقق من سلامة المعاملات المصرفية، وأدانت اثنين من البنوك التجارية بمخالفة القانون.

عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)
عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

وبحسب المصادر الرسمية، أصدرت محكمة الأموال العامة الابتدائية بالعاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، حكماً أدانت فيه بنك اليمن الدولي بالتهم المنسوبة إليه، وذلك لعدم التزامه بتطبيق مواد قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعدم موافاة وحدة جمع المعلومات المالية في البنك المركزي بالبيانات المطلوبة، وعدم وجود وحدة الامتثال لمراقبة تطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي الحق العام، عاقبت المحكمة المصرف المدان بغرامة مالية وقدرها 10 ملايين ريال يمني (الدولار يساوي نحو 1600 ريال)، تُدفع للخزانة العامة للدولة، وألزمته بالقيام بالواجبات القانونية المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وموافاة وحدة جمع المعلومات بالبنك المركزي بكل المعلومات المطلوبة المحددة في قائمة الطلبات المسلمة له خلال شهر من النطق بالحكم.

وذكرت المصادر أن الحكم جاء استناداً إلى الأدلة والقرائن التي قدمتها نيابة مكافحة الفساد، وذلك في إطار الجهود الرامية للحد من انتشار جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

المحكمة ذاتها أدانت البنك التجاري اليمني بتهمة عدم الالتزام بتطبيق مواد قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعاقبته على ذلك بغرامة مليوني ريال يمني تُدفع للخزانة العامة، وإلزام إدارته بموافاة وحدة جمع المعلومات المالية بالبنك المركزي اليمني فوراً بالبيانات والمعلومات المطلوبة منه كافة، وخوّلت المحكمة البنك المركزي اليمني في حال تخلف البنك التجاري، عن ذلك خلال شهر من تاريخ النطق بالحكم، بإلغاء الترخيص الممنوح للبنك، ومنعه من مزاولة نشاطه.

رفع رأس المال

إلى ذلك، أقرّ المصرف المركزي اليمني في عدن، ضمن تدابيره الجديدة، رفع رأس أموال مصارف التمويل الأصغر الحاصلة على تراخيص عمل من 5 مليارات ريال إلى 15 مليار ريال. ودعا هذه المصارف إلى استيفاء مبلغ الحد الأدنى لرؤوس الأموال المدفوعة خلال عامين ابتداءً من العام الحالي، على أن يستوفي كل بنك نسبة 50 في المائة من الزيادة المطلوبة خلال عام واحد، على أن تنتهي مدة الاستيفاء في 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل.

إجراءات مهمة لإدارة البنك المركزي اليمني لضبط القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال (إعلام حكومي)
إجراءات مهمة لإدارة البنك المركزي اليمني لضبط القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال (إعلام حكومي)

ووفق ما أعلنه المصرف المركزي اليمني، فإن مصارف التمويل الأصغر العاملة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً ستكون ملزمة باستيفاء 50 في المائة من الزيادة المطلوبة على رأس المال المدفوع، قبل حصولها على الترخيص النهائي للعمل، إذ منح المصرف المركزي أخيراً تراخيص لأكثر من 8 بنوك للتمويل الأصغر.

وكان الحوثيون أمروا فروع المصارف التجارية كافة في مناطق سيطرة الحكومة بالتوقف عن إعطاء المصرف المركزي أي بيانات عن العمليات المصرفية، وهددوا بإغلاق المكاتب المركزية للمصارف بحكم وجودها في صنعاء، ولهذا اضطرت غالبية المصارف إلى تشكيل إدارات إقليمية لتلك الفروع في مدينة عدن، والتزمت غالبيتها بتعليمات المصرف المركزي.


مقالات ذات صلة

ضربات أميركية على الحديدة... والحوثيون يتبنون استهداف إسرائيل مرتين

العالم العربي ألسنة لهب وأعمدة دخان تتصاعد فوق المباني جراء قصف أميركي على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)

ضربات أميركية على الحديدة... والحوثيون يتبنون استهداف إسرائيل مرتين

أعلن الجيش الأميركي أن الحملة ضد الحوثيين مستمرة على مدار الساعة. وأعلنت الجماعة استهداف قطع أميركية وتنفيذ هجومين ضد إسرائيل التي قالت إنها أحبطتهما.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي من فعالية تشييع قتيل حوثي في حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

تصفية 7 مشرفين حوثيين في حوادث انتقامية خلال شهر واحد

بعيداً عن خسائر الحوثيين جراء التصعيد والضربات سجلت مناطقهم 7 حوادث تصفية لمشرفين بدوافع انتقامية وخلافات بينية خلال شهر واحد، في صنعاء وإب والبيضاء وصعدة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مخزن للأسلحة في وسط صنعاء استهدفته المقاتلات الأميركية (إعلام محلي)

​مركز دولي: الضربات الأميركية على الحوثيين تحول استراتيجي

وسط تحذيرات من أزمة إنسانية عميقة في اليمن رأى مركز دولي مهتم بتتبع الصراعات العالمية أن الموجة الجديدة للضربات الأميركية على الحوثيين تحول استراتيجي.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة ملتقطة من مقطع فيديو تم نشره في 18 مارس 2025 تظهر طائرة أميركية مقاتلة تقلع في مهمة ضد الحوثيين في اليمن في مكان غير محدد (رويترز) play-circle

تزامناً مع ضربات جديدة... ترمب يتوعّد بـ«القضاء على الحوثيين تماماً»

تزامناً مع ضربات أميركية جديدة، توعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحوثيين قائلاً إنه سيتم «القضاء عليهم تماما».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:30

ترمب يتعهد القضاء على الحوثيين... وضربات تستهدف صنعاء وصعدة

ركّزت الضربات الأميركية في يومها الخامس على مخابئ الحوثيين وتحصيناتهم في معقلهم الرئيسي، فيما فتحت الجماعة الباب لانتقام إسرائيلي بعد استئناف هجماتها الصاروخية

علي ربيع (عدن)

الأسهم الأوروبية تتراجع متأثرةً بقطاع السفر والترفيه

رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)
رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)
TT
20

الأسهم الأوروبية تتراجع متأثرةً بقطاع السفر والترفيه

رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)
رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

تراجعتْ الأسهم الأوروبية، يوم الجمعة، متأثرةً بالخسائر الحادة التي تكبدها قطاع السفر والترفيه، وذلك عقب انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي أدى إلى إغلاق مطار هيثرو البريطاني، أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم. وجاء هذا التراجع وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية، مما عزز عزوف المستثمرين عن المخاطرة.

وانخفض مؤشر «ستوكس 600 الأوروبي» بنسبة 0.8 في المائة بحلول الساعة 09:30 (بتوقيت غرينتش)، بينما سجل قطاع السفر والترفيه الأوروبي تراجعاً بنسبة 2.1 في المائة، حيث تعرضت شركات الطيران لضغوط كبيرة بسبب تداعيات الإغلاق المفاجئ للمطار، نتيجة الحريق الهائل في لندن. وتأثرت أسهم الشركات الكبرى في القطاع، حيث انخفض سهم «آي إيه جي» بنسبة 2.3 في المائة، و«لوفتهانزا» بنسبة 2.1 في المائة، و«رايان إير» بنسبة 1.8 في المائة، و«إيزي جيت» بنسبة 1.5 في المائة. كما كان قطاع الموارد الأساسية من بين الأكثر تضرراً، حيث سجل انخفاضاً بنسبة 1.9 في المائة.

ورغم هذا التراجع، فإن المؤشر القياسي الأوروبي تمكن من تحقيق مكاسب أسبوعية طفيفة بلغت 0.4 في المائة، مدفوعاً جزئياً بالموافقة التي منحها مجلس النواب الألماني يوم الثلاثاء على زيادة كبيرة في الاقتراض الحكومي، بهدف تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الإنفاق العسكري. وفي خطوة مهمة أخرى، أقر مجلس الشيوخ الألماني يوم الجمعة مشروع قانون جديداً يتضمن قواعد موسعة للتمويل، بالإضافة إلى صندوق بقيمة 500 مليار يورو (542 مليار دولار)، ما يعكس تحول برلين إلى دور أكثر استباقية في قيادة السياسات الاقتصادية الأوروبية.

في سياق آخر، ازدادت المخاوف في الأسواق المالية بسبب التوترات التجارية العالمية، لا سيما بعد أن قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يوم الأربعاء بتخفيض توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام، بينما رفع تقديراته لمعدل التضخم نتيجة تصاعد حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب. وعلى الرغم من أن «الفيدرالي» أبقى أسعار الفائدة دون تغيير، فإن قراره جاء متماشياً مع موقف بنك إنجلترا، الذي بدوره حذر يوم الخميس من أن التوقعات الاقتصادية تظل غير مؤكدة، خصوصاً في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى.

من جانبها، حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، يوم الخميس، من أن فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركيةً بنسبة 25 في المائة على الواردات الأوروبية قد يؤدي إلى انخفاض معدل نمو منطقة اليورو بنحو 0.3 نقطة مئوية خلال العام الأول، في حين أن الإجراءات الانتقامية الأوروبية قد تؤدي إلى تفاقم هذا الانخفاض ليصل إلى حوالي نصف نقطة مئوية.

في هذا السياق، أوضح يوشن ستانزل، كبير محللي السوق لدى «سي إم سي ماركتس»، أن أي تفاؤل محتمل بشأن تعافي الاقتصاد الأوروبي، بفضل التحفيز المالي الألماني وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، قد يتلاشى بسرعة بسبب هذه التهديدات التجارية، وهو ما يزيد من قلق السوق.

وعلى صعيد الأسهم الفردية، سجل سهم شركة «فوكس» الألمانية لزيوت التشحيم أسوأ أداء ضمن مؤشر «ستوكس 600»، حيث تراجع بنسبة 7.1 في المائة بعد أن جاءت توقعات أرباحها قبل الفوائد والضرائب لعام 2025 أقل من توقعات السوق، مما أثار خيبة أمل بين المستثمرين.

ومع اقتراب دخول الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترمب حيز التنفيذ في الثاني من أبريل (نيسان)، تزداد حالة الترقب في الأسواق، حيث يحاول المستثمرون تقييم التداعيات المحتملة لهذه السياسات على الاقتصاد العالمي، في ظل محاولات البنوك المركزية الكبرى تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو واحتواء التضخم.