ممدوح المهيني
إعلامي وكاتب سعودي. مدير قناتي «العربية» و«الحدث» كتب في العديد من الصحف السعودية المحلية منها جريدة الرياض، ومجلة «المجلة» الصادرة في لندن. كما عمل مراسلاً لـ«الشرق الأوسط» في واشنطن. وهو خريج جامعة جورج ميسون بالولايات المتحدة.
TT

خبر سعيد في السعودية

خبر منح الجنسية السعودية من أهم الأخبار التي قرأناها مؤخراً. يمكن تلخيص الأهمية لهذا القرار في ثلاثة أسباب...
أولاً: القرار يستقطب الكفاءات وسينعكس ذلك بصورة إيجابية على المجتمع ومستقبله. استقطاب العقول اللامعة كان من الأسباب التي أسهمت في نجاحات دول كبرى، ولنتذكر كيف استفادت الولايات المتحدة من تجنيس الشخصيات الفذة في دعم مكانتها عالمياً.
الأمثلة كثيرة، 8 في المائة من الأطباء في أميركا من أصول هندية، وخُمس شركات التقنية في «السيليكون فالي» مؤسسة على يد أفراد من أصول هندية أيضاً. المهاجرون في أميركا يؤسسون ما يقارب ربع الشركات سنوياً وثلث الأميركيين الفائزين بجوائز نوبل من خلفيات أسر مهاجرة واكتسبت الجنسية لاحقاً. لا ننسى العرب المهاجرين ودورهم هناك ولنتذكر أن ستيف جوبز ابن مهاجر سوري.
ثانياً: القرار يزيد التنوع الثقافي والاجتماعي في البلاد، وهذه ميزة المجتمعات الناجحة التي تحتضن أطيافاً مختلفة المشارب والاتجاهات، تجمعها الهوية الوطنية ولكن تنوعها يزيد المجتمع ثراء على مستويات متعددة. لا ننسى أننا في عالم منفتح ومتصل مع بعضه وهذا يؤكد تبني فكرة تنتمي لهذا العالم الذي نعيش فيه بدل العيش في الماضي المنقسم والمتباعد.
ثالثاً: القرار يخفف من الدعوات المتعصبة المطالبة بالانغلاق التام أو العنصرية الخطيرة التي تعصف بالمنطقة. دعوة الانغلاق تعزل المجتمع عن التفاعل مع غيره من المجتمعات وتحرمه من العملية الضرورية لإدخال عناصر فاعلة في نسيجه، الأمر الذي سيزيده حيوية. والدعوات العنصرية قائمة على الكراهية المحضة وتصنف الناس بناء على الصدفة (ولدت في مكان وهوية معينة) وتخلق حالة من البارانويا وجنون الاضطهاد داخل المجتمع. حالة كراهية الأجانب حالة مَرَضية وتخلق شخصيات تسعى للتجييش والتحريض وتمزيق المجتمعات إذا لم يتم ردعها. القرار يحمل رسالة أخلاقية وإنسانية واضحة، الإنسان بقيمته وليس بمظهره وعرقه.
وأهمية القرار لا تتعلق بالسعودية فقط، ولكن تتجاوزها لأنها ترسل الرسالة الأخلاقية الصحيحة لخارجها، للحكومات والشعوب، رسالة القبول والانفتاح والتواصل في منطقة عربية منقسمة ومشحونة بدعوات التحريض والتقسيم.
إثراء المجتمع بالكفاءات وإدخال عنصر التنوع الإنساني وكبح جماح العنصرية هي بلا شك علامات المجتمعات القوية الصحية المتسامحة الطامحة للمستقبل على عكس المجتمعات المتوجسة المليئة بدعوات الانتقام والكراهية والانكفاء التي لا تدمر في نهاية المطاف إلا المؤمنين بها.