علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

القطاع المهمل

في عالمنا العربي لدينا سلوك غريب، فنحن في العالم العربي نحدد الفرص الاقتصادية وندرس جدواها، ثم تعلن المؤسسات المتخصصة في هذه الأنشطة جزءاً من دراسات الجدوى التي تبين جدوى هذه الفرص وأهميتها للمجتمع والدولة. بعد ذلك يبدأ الإعلام بالتبشير عن هذه الفرص عن قناعة منه بأهمية هذه الفرص وجدواها للمجتمع والدولة.
ونبدأُ كمراقبين بترقب هذه الفرص على الأرض، ويمر الوقت طويلاً علينا ولا نرى سوى عشرة في المائة من هذه الفرص على الأرض رغم ثبوت جدواها حتى للأعمى.
ولا أعرف سبباً لهذا البطء هل هو بيروقراطية الأجهزة المنفذة؟ أم أنه سوء التنسيق بين هذه الأجهزة؟ أم أنه تضاد المصالح؟ وحماس أجهزة معينة وتراخي أجهزة أخرى!!!
على كل حال هذا هو وضعنا العربي ولعل غيري يبحث أسباب ذلك فمثل هذه الظاهرة لا يمكن معالجتها في مقال في صحيفة ولكنه يحتاج دراسة ميدانية تتضافر فيها الجامعات مع المؤسسات البحثية لتحديد أسباب الظاهرة.
ونحن في السعودية لسنا بمعزل عن ذلك، فأتذكر قبل نحو 15 عاماً التقينا نحن الكتاب السعوديين بمسؤولين سعوديين وكان رئيسهم برتبة وزير وذكر المميزات التي يتمتع بها مطار منطقة تبوك السعودية وأنه رابط بين القارات الثلاث ولم نرَ تحركاً يذكر لتطوير هذا المطار لولا أن أسعفتنا نيوم بمطارها الجديد.
ونحن نتحدث عن القطاع اللوجيستي منذ أربعين عاماً وأهميته والمميزات النسبية التي تؤهل السعودية أن تكون منطقة لوجيستية تخدم الإقليم ولكننا لا نرى إنجازاً على الأرض، وراجعوا معي تصاريح وزراء المالية السعوديين منذ أربعين عاماً، ستجدون أنهم جميعاً تحدثوا عن المناطق الحرة والمناطق اللوجيستية، وإذا نظرنا إلى الواقع فسنجده أقل من الطموح.
ولن نذهب بعيداً، فقبل نحو ثلاث سنوات طرحت مناقصة منطقة الخُمرة اللوجيستية في جدة على مساحة 2.3 مليون متر مربع وتقدم لها عدد من الشركات المحلية والعالمية وأظنها ألغيت ولم تعمد بها شركة.
ثم المنطقة اللوجيستية في الدمام على مساحة مليون متر مربع ومصيرها للأسف كمصير الخُمرة.
أملي أن نرى تحركاً أسرع بكثير خاصة بعد مبادرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اللوجيستية التي أعلن عنها خلال الفترة الماضية، وأتمنى أن تضبط المبادرة مدد الإنجاز في كل منطقة لوجيستية. خاصة ولدينا مناطق قابلة للتطوير مثل ميناء الرياض الجاف وصناعية سدير وكذلك تخصيص مطار حائل كمنطقة لوجيستية لطرود الشحن الجوي والمنطقة مؤهلة لذلك بسبب توفر القوى العاملة. ولدينا موانئ ممتدة على ساحل الخليج العربي وساحل البحر الأحمر يمكن أن يكون نشاطها بعد التطوير أفضل من واقعها اليوم.
وميناء جازان على سبيل المثال لا الحصر يمكن أن يكون بوابة الإقليم على أفريقيا ويكون المرفأ الذي ترسو به سفن المواشي والمنتجات الزراعية الأفريقية.
وأنتم تعرفون قبلي فائدة تطوير مثل هذه المناطق على الاقتصاد، ويكفي أنها ستخفض سعر المنتج على المستهلك.
لقد عاش هذا القطاع مهملاً لسنوات طويلة وعاش بدون راعٍ رغم أهميته في توفير الوظائف وعائده الاقتصادي العالي فلعله يجد ضالته في مبادرة ولي العهد الجديدة. ودمتم.