تانيا غولد
TT

إنجلترا حرة...وفي فوضى عارمة أيضاً!

قيل لنا إن إنجلترا حرة. وقد رفعت الحكومة القيود المتبقية بشأن فيروس كورونا في البلاد مما ترك الحماية من فيروس كورونا فعلياً بين أيدي اللقاحات، وتحت رحمة الحظ.
كان التوقيت واضحاً: فخلال الأسبوع السابق لتاريخ الرفع، جاءت نتائج اختبارات فيروس كورونا إيجابية لنحو 332.170 شخصاً، وهو الرقم الأكبر منذ يناير (كانون الثاني)، حيث بدأ متحور «دلتا» في التفشي والانتشار حول البلاد. ومن المتوقع أن ترتفع حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا، في وقت لاحق هذه السنة.. وقد يتزايد عدد الحالات في المستشفيات، وهو أقل بكثير من موجات الإصابات السابقة بسبب برنامج التطعيم.
كان ذلك يوم الحرية، تماماً كما ذكرتنا الحكومة وصحافة تيار اليمين بإصرار. الوقت الذي أصبح فيه الإنجليز، بعد أكثر من عام من التضحيات، قادرين على الخروج من مخابئهم المنزلية - ويشربون في غرفة مزدحمة، ويمزحون، ويجتمعون مع الجميع. لا حاجة إلى الكمامات. ولكن في واقع الأمر، لقد كان يوم التشويش، وعلامة بارزة للفوضى والقلق، والخوف من المجهول.
على نحو ملائم، لم يكن بوسع رئيس الوزراء بوريس جونسون، عاشق الحرية ومهندس «الخطة»، أن يحتفل؛ إذ كان قيد العزل الذاتي. وكان على اتصال مع ساجد جاويد، وزير الصحة، الذي تم تطعيمه مرتين وأُثبتت إصابته بفيروس كورونا. وعرف الإنجليز، مما كان مفاجأة لهم، أن اللقاحات ليست منيعة. ويعتبر السيد جاويد جديداً على الوظيفة: فلقد تم تنصيبه الشهر الماضي.
ومن داخل عزلته في مسكنه الريفي، أصدر جونسون دعواه الرقيقة التي خرجت في صورة التعتيم الإعلامي غير المكتمل، فيما يبدو أنها علامته التجارية المعهودة. هذا الأسلوب، الذي حقق نجاحاً لمدة موسم واحد فقط، لا يزال ضعيف التأثير. ففي الأسبوع الأول من يوليو (تموز)، اتصلت خدمة التعقب الصحي الوطنية بأكثر من نصف مليون مواطن في البلاد وطلبت منهم عزل أنفسهم لمدة 10 أيام؛ مما خلق حالة من الفوضى للشركات والأفراد على حد سواء. وكان رد السيد جونسون هو إعفاء واضح لبعض الموظفين الرئيسيين من مباشرة العزل الذاتي. ومع ذلك، قال «نحن في حاجة إلى التمسك بالنظام كما هو» - متجاهلاً حقيقة أنه في اليوم السابق، حاول هو نفسه تجنب تنفيذ العزل الذاتي. وفي إنجلترا فإن الأمس يشكّل عمراً كاملاً في زمن الماضي.
ربما تكون هذه استراتيجية لبلوغ حالة المناعة الهجينة، حيث يتم تطعيم الغالبية العظمى من السكان أو تعرضوا للإصابة مؤخراً بفيروس كورونا (أو كلا الأمرين)، بحلول الشتاء، وهي النسخة الأحدث من المقاربة الأولى التي يبدو أن الحكومة قد اتخذتها إزاء التعامل مع للوباء. غير أن الحكومة تنفي ذلك. وبدلاً من ذلك، يصر الوزراء على أن الموجة الثالثة من الحالات أمر حتمي، فلماذا لا يكون هناك بعض من بواعث الأمل على طول الطريق؟
أو ربما هذا هو ما يحدث عندما تنتخب شخصية كاريزمية، بقصة شعر مثيرة. كنت أعتقد أن الأوضاع تتقلب وفقاً لسوق الأسهم. الآن، أعتقد أنها تستجيب لنتائج صناديق الاقتراع. وأصبح من المهم أن نطابق استطلاعات الرأي الكبرى، مع قيادة المحافظين، على خلفية حملة التطعيم الناجحة والمعارضة غير الفعالة، التي تمتد إلى تسع نقاط مئوية.
مهما قال السيد جونسون، لا شيء يمكن أن يبدد الإحساس بأن البلاد في حالة انحدار، وعلى حافة أزمة قريبة. وهذا واضح ليس فقط من علامات الاعتلال الواضحة - مثل حقيقة أن 30 في المائة من الأطفال البريطانيين، في خامس أكبر اقتصاد في العالم، يعيشون في الفقر - ولكن أيضاً من الأشياء الصغيرة. ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، غرقت لندن فجأة بالمياه أثناء عاصفة ممطرة، وبعض الناس سبحوا فيها بسعادة، على الرغم من احتمال امتلائها بمياه الصرف الصحي. وفي كورنوال في جنوب غربي إنجلترا، قيل إن رجلاً، يبدو أن الحرارة المرتفعة قد أثرت على رأسه، ضرب نورس البحر حتى الموت بجاروف بحر بلاستيكي. وإذا كنت تفضل التعبير المجازي: كانت إنجلترا هي الجاروف، والآن صارت هي نورس البحر.
حقاً إن المبشرات كلها سيئة.