مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

«الأليط» غير الأديب

تعليقا على المقال الأخير هنا حول تغيير المفردات والعادات السعودية بفعل هيمنة التيارات الإسلاموية «الصحوة» من «إخوان» وسرورية على الفضاء العام زهاء 4 عقود.. أرسل لي الأستاذ عادل درويش، وهو صحافي عريق بريطاني/ مصري، عايش فترات كثيرة وخاض تجارب أكثر، وكان مما قاله في تعليقه بلهجته العفوية:
«أنا عامل فصل كامل من 10 آلاف كلمة في كتابي الجديد عن اللغة والهوية وإزاي النظام الناصري غير الهوية بتغيير اللغة».
والحال في المشهد النقاشي العام لا يسّر كما يعرف العارفون، لا السمّاعون للقول الخطّافون لأذيال الكلام، الركّاضون به خفّة واستخفافاً، ولا نلوم أصحاب النوايا الطيّبة المخلصة، فحديثنا مع غيرهم.
سبق هنا القول في مقالة في 2015 إنه:
«لو أمعنّا النظر في المفردات التي دخلت على لهجة الشباب اليوم، لنقل هنا الشباب السعودي أو المصري مثلاً، لوجدنا تحولات سريعة ومدخلات كثيرة طرأت على لغة التخاطب اليومي، جراء أسباب كثيرة، منها «سيول» التواصل اليومي بين مجتمعات مختلفة».
كما قيل حينها إن «هناك أسباباً أخرى أيضاً لتناسل المفردات الجديدة، وترّحلها من لغة لأخرى ومن لهجة لثانية، ومن ذلك التحولات الاجتماعية الضخمة، مثل حركة الصحوة الإسلاموية، أو الاحتكاك بقوى غالبة، مثل الاستعمار والغزو الأجنبي».
هذا الكلام قيل في 2015 هنا في نفس هذا المكان، وأشرت وقتها لدراسة باحث مصري هو الدكتور عبد الوهاب علوب، أستاذ اللغة الفارسية في جامعة القاهرة وصاحب معجم «الدخيل في العامية المصرية»، أوضح فيها أنه استطاع أن يجمع ويصنف في معجمه الصادر عن المركز القومي للترجمة، أكثر من 1200 لفظ من أسماء الأعلام والألقاب والأماكن والتعبيرات ذات الأصول شرقية كانت أو غربية هذه اللغات في العامية المصرية.
للدلالة على صدق أن «اللغة كائن حي»، يرصد الباحث كيف تلاشت بعض الألفاظ من العامية المصرية ذات الأصول التركية أو الفرنسية مثلا، لصالح الإنجليزية بنسختها الأميركية، ومن ذلك استبدال كلمة «ماكياج» بكلمة «ميك آب» وكلمة «كاراج» بكلمة «باركينغ».
من الطرائف التي رصدها الباحث في العامية المصرية كلمات مثل:­ «أليط»: بالعامية المصرية تعني الشخص المغرور أصلها من الإنجليزية بمعنى الصفوة elite.
هذا بحر غزير وبحث مثير، به المتعة والكشوف الجديدة، لمن يستهويه أغنية الحقيقة وموسيقى المعرفة، وليس معشر الصخّابين بالأسواق الإلكترونية، من «أليط» هنا أو هناك.
أما المناقش، المختلف قبل الموافق، بخلق سوي وعلم نقي.. فحيّهلا به وله المنّة الكاملة عليّ.