علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

انقلاب مطلوب

التقيت مع ثلة من كتاب الصحف والمتخصصين الأسبوع الماضي بوزير التعليم السعودي، وكان هدف اللقاء شرح خطة التعليم الجديدة والتطورات التي طرأت على المناهج السعودية وقبل اللقاء كانت تدور في رأسي أسئلة عدة منها أن اللغة الإنجليزية ستدرس مطلع العام الدراسي الجديد بدءاً من السنة الأولى وما أعرفه أنه في السنة الأولى من الدراسة إذا تعلم الطفل أكثر من لغة، فإنه يصبح لدى الطفل خلط غير إرادي في اللغتين. منسوبو وزارة التعليم يقولون إن الدراسات أثبتت أن الطفل في مراحل دراسته الأولى بإمكانه تعلم خمس لغات!!!! وأظن أن قدرة التعلم لا تلغي الخلط.
وأعرف ويعرف غيري أن مناهج التعليم لا تناسب سوق العمل منذ أكثر من أربعين عاماً، نظراً لتغير متطلبات سوق العمل التي يفرضها تطور الحياة، ولكن لم يجرؤ أحد على تغيير المنهج ليناسب هذه السوق، ومعرفتنا ومعرفة رجال التعليم أن هدف عملية التعليم برمتها وما يُصرف عليها من أموال هو مخرجها أي الطالب، فإذا كان مخرجها جيداً فإن العملية التعليمية حققت نجاحها، وإذا كان المخرج سيئاً فإنها فشلت في تحقيق هدفها.
ويُروى عن الخليفة العباسي هارون الرشيد أنه أحضر معلماً لتعليم ابنه الأمين، وحينما أعلن المعلم فراغه من تعليم الأمين طلب هارون من المعلم أن يجهز تلميذه لإلقاء خطبة الجمعة، صعد الأمين المنبر وألقى خطبة عصماء أعجبت الرشيد الذي أغدق على المعلم بالعطاء تعبيراً عن نجاح العملية التعليمية التي تهدف لإعداد الأمين للخلافة.
في عالمنا العربي للأسف مناهج التعليم لا توافق سوق العمل، لذلك نخرج العاطلين على أرصفة البطالة، في السعودية توفرت القيادة السياسية الراغبة في إخراج جيل مختلف يواكب تغيرات العصر ويمكنه العمل في أي سوق وألا يقتصر ذلك على العمل في السوق المحلية، ووزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ يقود عملية التنفيذ الصعبة والمعقدة على أرض الواقع، وسنبدأ التجربة مطلع العام المقبل، وأرجو من وزارة التعليم أن تكون مرنة في التعامل مع التغيير وتبقي الصالح، وتعدل فيما يحتاج إلى تعديل يظهره التطبيق العملي.
ومثلما أوجدوا مادة المهارة الرقمية، فإن ذلك لا يمنع من تدريس أي مهارة تحتاجها سوق العمل. وأن يكون لدى الوزارة القدرة والشجاعة على إقفال بعض التخصصات الجامعية التي تشبع منها سوق العمل أو على أقل تقدير تقليل أعداد الملتحقين بها.
وزارة التعليم وحسب شرح الوزير أمضت سنتين للوصول لهذا المنتج التعليمي، وهو أمر رائع أن يكون التطبيق مبنياً على دراسة ميدانية، ولكن يجب ألا يكون ذلك مدعاة للتحيز لهذه الخطة، بلّ يجب مراجعتها بعد نهاية كل عام وأثناء العام، لنخرج بمنتج متميز يفرض نفسه على سوق العمل.
هذا الانقلاب التعليمي أو الثورة التعليمية، هي ثورة تأخر ظهورها ولكنها في النهاية رأت النور، فأرجو لهذه الثورة التعليمية النجاح، لنصحح أخطاءنا السابقة التي تأخرنا في تعديلها نتيجة غياب الإرادة السياسية. ودمتم.