مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

ما زال «الإخوان» داخل مصر... كيف؟

إثر دعوات لتطهير مؤسسات وقطاعات مصر من عناصر «الإخوان»، بعد «تغلغلها ودورها التخريبي» وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، مؤخراً، من حيث المبدأ، على مشروع بتعديل قانون 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، المقدّم من أكثر من 60 نائباً.
النائب علي بدر، أمين سر لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، شدّد على أن هذا القانون جاء متوافقاً مع الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب. وأن من أسباب صدوره طلب بعض الوزراء إصدار هذا القانون لأن «بعض الوزراء أيديهم مغلولة أمام اتخاذ إجراءات لمواجهة الموظفين أصحاب الأفكار الإرهابية».
وزير النقل المصري كامل الوزير في كلمته بمجلس النواب المصري في أبريل (نيسان) الماضي، أقرّ بوجود عدد من العاملين ينتمون للتنظيم الإرهابي ويعملون على التخريب بشكل غير واضح، مطالباً مجلس النواب بإعداد تشريع حاسم لاستبعاد هؤلاء فوراً.
وقال إن وجود موظفين «إخوان» في الوزارة معلومة صحيحة، والوزارة حاولت بشتى الطرق التخلص من موظفين أجمعت الجهات الأمنية على انتماءاتهم (للتنظيم الإرهابي).
هذا يحصل في مصر؛ حيث الدولة كلها، مسنودة بالشعب، انتفضت ضد جماعة «الإخوان المسلمين» انتفاضة كبرى، وحيث الدولة تخوض حرباً بالمعنى الحقيقي، بالسلاح والدم، في الصحراء الغربية، وفي شمال سيناء، وفي الوجهين البحري والقبلي، في مصر.
وحيث يشنّ «الإخوان» حرباً شعواء صريحة فصيحة علنية، ضد مصر، في قنوات «الإخوان» التركية، وفي قنوات «الجزيرة»، وفي قنوات «الإخوان» الأخرى، مثل «الحوار» اللندنية، وفي كل المنابر المعادية لمصر، بكل اللغات، والتي تقتات على علف الدعايات «الإخوانية» الخارجية ضد مصر الحالية.
حيث صدرت المسلسلات الجميلة، والأفلام المؤثرة، التي تكشف «الإخوان»، مثل مسلسل «الجماعة» بجزأيه ومسلسل «الاختيار» بجزأيه.
حيث تشهد مصر ورشة عمل اقتصادية تنموية كبرى، وها هي العاصمة الإدارية تمضي قدماً، وتدير القيادة المصرية كل ملفاتها الخارجية باقتدار، وآخرها دورها المؤثر في أزمة غزة، التي أجبرت الإدارة الأميركية المتجافية عن مصر، على الاتصال بالرئيس عبد الفتاح السيسي.
رغم هذا، وأكثر منه، ما زالت عناصر الجماعة، في جسد الدولة المصرية، بل إن وزير النقل، وهو أحد رجالات السيسي المقربين له، كامل الوزير، يشكو من عدم امتلاكه القدرة الكاملة على ملاحقة وإبعاد عناصرهم من وزارته.
المعنى من هذا كله، هو أن من يقول، من مثقفين ومتابعين، في بعض الدول العربية الأخرى، حتى التي تعلن الحرب الصريحة على «الإخوان» مثل الإمارات والسعودية، وبعدهما السودان اليوم، إن حربنا على «الإخوان» والسرورية... إلخ، قد انتهت والمهمة أنجزت، وأصبح هذا الكلام كله من الماضي، إنما يخدع نفسه، ويطيل أمد المشكلة.
الحرب ضد هؤلاء، حرب دائمة، لأنها في الأساس، وإن كانت جماعة سياسية، لها أذرع عسكرية وإعلامية سرّية، جماعة تسوّق فكراً عليلاً، وثقافة عوراء... والحرب الفكرية والكفاح الثقافي الحقيقي، ضده... لم ننجزه - على الوجه الصواب - الدائم العميق الملحاح الشامل.
بدأنا... لكن ما زلنا في الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل.