جمال الدين طالب
كاتب وصحافي في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

ثمانية آلاف نادل أميركي بشهادة دكتوراه!

قد يبدو هذا مدهشا، لكن في الولايات المتحدة هناك 8.000 نادل أميركي حاصلون على شهادة الدكتوراه أو ما يعادلها، كما أن هناك 5.057 منظفا بنفس الشهادة، وهناك 317.000 نادل و18.000 حارس للحظائر حاصلون على إجازة جامعية. هذه الأرقام «المذهلة» كشف عنها البروفسور ريتشارد فيدر الباحث وأستاذ الاقتصاد في جامعة أوهيو الأميركية، والمختص في علاقة النظام التعليمي بالاقتصاد في أميركا.
هذه الظاهرة، وهي ليست حكرا على الولايات المتحدة الأميركية فقط، حيث إنها موجودة في أوروبا وأنحاء أخرى من العالم، ومن بينها ربما بعض مناطق العالم العربي، أصبحت تحديا عالميا يطرح إشكالية العرض والطلب في سوق العمل، خاصة في أوساط المتخرجين في الجامعات، الذين يقضون سنوات من التحصيل العلمي وينفقون أموالا كبيرة، ويتخرج بعضهم بديون طائلة، لكنهم يصطدمون بواقع مر لا يجدون فيه وظائف تناسب مستواهم التعليمي، فيضطرون إلى القبول بوظائف موجهة في الأساس لمن لا مؤهلات علمية لهم، فما بالك بمؤهلات جامعية، بل إن مدينة مثل لندن مثلا تشهد تنافسا على مناصب عمل في المقاهي والمطاعم، بين حملة الشهادات الجامعية من بريطانيا ومهاجرين من كل أنحاء العالم، ومن بينهم كثير من الشباب العرب.
ويثير هذا الموضوع، أي الصعوبات التي يواجهها الشباب عموما، خاصة المتخرجين في الجامعات، نقاشا كبيرا، وتحذيرات من خطورته، التي تشبهها تقارير أوروبية مثلا بالـ«قنبلة الموقوتة»، التي يجب تفكيكها قبل أن تزداد خطورة بمرور الوقت. وقد خصص الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض جلسات خاصة، في قمم قادته، لدراسة سبل إيجاد حلول لمشكلة البطالة في أوساط الشباب عموما، وفي أوساط المتخرجين في الجامعات بشكل خاص.
وتشير إحصائيات مثيرة للجدل ﺇﻟﻰ ﺃﻥ معدل ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ «القارة العجوز» يعتبر الأسوأ ﻤﻘﺎﺭنة بمناطق أخرى من ﺍﻟﻌالم. ﻓﻔﻲ الدولة الأفريقية جنوب الصحراء مثلا وصلت نسبة البطالة في أوساط الشباب في 2012 ﺇﻟﻰ نحو 12 ﻓﻲ ﺍﻟمائة، فيما فاقت هذه ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ 18 ﻓﻲ المائة ﻓﻲ ﺩﻭﻝ الاتحاد الأوروبي. وتصل البطالة في بعض بلدان أوروبا إلى معدلات خطيرة، فهي تفوق مثلا الخمسين في المائة في إسبانيا واليونان.
ولأن الشباب العاطل عن العمل في أوروبا يحتاج إلى رعاية من الدولة فإن تقديرات تقول إن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن بطالة شباب أوروبا بلغت في 2012 نحو 153 مليار دولار. ولمكافحة البطالة في أوساط الشباب قرر الاتحاد الأوروبي تخصيص 8 مليارات دولار في الموازنة الأوروبية للأعوام بين 2014 و2020.
وإذا كان مشكل البطالة في أوساط الشباب في «القارة العجوز» يحظى بكل هذا الاهتمام، فإنه من المفروض أن يلقى بالتأكيد اهتماما أكبر في مناطق يشكل فيها الشباب أغلبية، مثلما هو الشأن في العالم العربي، الذي تقول بعض التقديرات إنه سيكون بحاجة إلى 50 مليون وظيفة في السنوات الـ15 المقبلة.
[email protected]