نوح سميث
كاتب في «بلومبيرغ»
TT

التخطيط لما بعد الوباء

تعتبر كيفية وتوقيت الانتهاء التدريجي من برامج الإغاثة الخاصة بفيروس «كوفيد - 19» واحدة من أصعب مشكلات السياسة التي يتعين على إدارة بايدن إيجاد حل لها. ففي نهاية المطاف سيتم القضاء على الفيروس، ولن تكون الحكومة الأميركية قادرة على الإبقاء على أجزاء كبيرة من اقتصادها على أجهزة دعم الحياة إلى الأبد، فلكل برنامج إغاثة تحدياته الخاصة في مرحلة الإنهاء التدريجي. ومن أبسط الحلول الشيكات المصرفية شبه العالمية، وهذا لأنها في الحقيقة مجرد سلسلة من إجراءات الإنفاق المخصصة والمقيدة بدخل بعض السكان.
ويواجه الرئيس جو بايدن بالفعل مشكلة في إجراء شيكات بقيمة 1400 دولار لكل أسرة، لذا توقع أن تكون هذه هي الجولة الأخيرة ما لم يعد الوباء مرة أخرى. في المستقبل، ربما ستزيد ذكريات شيكات الإغاثة من الدعم لسياسات مثل الدخل الأساسي الشامل، ولكن في الوقت الحالي هذا البرنامج سينتهي تدريجياً، وقد يحدث ذلك في القريب العاجل.
إعانات البطالة الوبائية هي مسألة أخرى. فبمجرد أن يصبح «كوفيد19» تحت السيطرة، فإن المدفوعات المجمعة يجب أن يتم الانتهاء منها تدريجياً. وطالما يعلم الجميع أن المزايا مؤقتة فقط، فلن تثني الدفعات الكثير من الناس عن العمل، لأن الاحتفاظ بوظيفة أفضل من تحصيل شيكات لبضعة أشهر ثم تظل عاطلاً عن العمل بعد انتهاء صلاحية تلك المزايا. ولكن إذا اعتقد الناس أن الأموال الإضافية سيجري تمديدها إلى أجل غير مسمى، فقد يتسرب البعض من القوى العاملة. لذلك يجب أن تكون هناك نهاية واضحة للبث في هذا البرنامج.
أحد المؤشرات الجيدة على توقيت الانتهاء التدريجي من البرنامج بشكل آمن هو عدد العملاء العائدين لتناول الطعام في المطاعم، والذي يتبعه موقع الحجوزات «أوبن تيبول». وتظهر هذه البيانات حالياً مدى الكساد الذي لا يزال يعاني منه الاقتصاد.
عندما يبدأ مشهد المطاعم في الانتعاش، فسوف يعني ذلك أن الوقت قد حان لبدء التخلص التدريجي من مكافأة البطالة الوبائية. وستكون إعانات البطالة العادية كافية في حالة الركود الطبيعي، ويمكن تمديد الاستحقاق إذا فشل الاقتصاد في التعافي بسرعة.
ربما يقرر الناس أنهم سعداء تماماً بالبقاء في المنازل لمشاهدة الأفلام على قنوات «نت فيليكس» و«أمازون برايم»، ويتركون دور السينما تتلاشى. في هذه الحالة، من المحتمل أن يتم القضاء على شركات مثل «أي إم سي إنترتينمنت هولدنغز»، أو ربما سيجري إضعاف مطوري العقارات التجارية حال تبين أن التحول إلى العمل عن بُعد بات وضعا دائما.
إذا كانت الأعمال التجارية غير قادرة على البقاء بعد أن باتت ضحية لتحولات الطلب طويلة الأجل والمستدامة بقروض رخيصة، فقد يؤدي ذلك إلى تكرار تجربة اليابان مع شركات «زومبي» في التسعينيات. ففي ذلك البلد، أبقت التدفقات المطردة للقروض المصرفية غير السوقية مجموعة من الشركات المنكوبة على أجهزة دعم الحياة، مما أدى إلى امتصاص الموارد بعيداً عن الشركات الأفضل حالاً. لا يستطيع الاقتصاد الأميركي تحمل هذه الخسارة في ديناميكية الحركة، لذلك يجب إنهاء برامج دعم الأعمال التجارية بنفس معدل بدلات البطالة تقريباً. ونصيحتي هنا، لا تقلق، ستظهر أعمال جديدة لتحل محل تلك التي ماتت.
من شأن ذلك أن يضع جانباً أكثر القضايا الشائكة وهي الإخلاء. فحتى الآن تم إيقاف موجة عمليات الإخلاء التي توقع بها الكثيرون منذ فترة طويلة من خلال نظام غير مكتمل من الوقف الاختياري على المستوى الفيدرالي والولايات. وستمتد خطة بايدن هذه حتى نهاية سبتمبر (أيلول)، مما يؤخر الحساب الذي لا مفر منه.
سوف يرفض بعض دافعي الضرائب حتماً فكرة حصول بعض المستأجرين على تصريح لسداد الإيجار. الأهم أنه قد يكافئ ذلك بعض الأشخاص الذين كان بإمكانهم الدفع، ولكنهم اختاروا عدم السداد. لكن من الناحية اللوجيستية، لا توجد طريقة مجدية للحكومة لمعرفة ما إذا كان الناس قد فاتهم الإيجار لأنهم غير قادرين على الدفع، أو لأنهم غير راغبين. لذلك من أجل عدم دفع ملايين الأميركيين إلى الشوارع، سنضطر إلى تشجيع أصحاب العقارات على التفاوض بشأن التسويات مع المستأجرين.
أسهل طريقة للقيام بذلك هي الحافز المالي، إذ يجب على الملاك الذين يتفاوضون بشأن تخفيضات جزئية في الإيجار المتأخر، هي أن يحصلوا على الأقل على بعض من ذلك التعويض من قبل الحكومة. الأهم هو أن الملاك هم دافعو الضرائب أيضاً، ورغم أن تعويض الملاك هو مسعى محفوف بالمخاطر، فإن بعض الإنقاذ الجزئي في إطار برنامج حوافز للتسويات المتفاوض عليها من شأنه أن يخفف من هذه الاضطرابات التي تلوح في الأفق. كانت كل برامج الإغاثة هذه مهمة للمساعدة على الحفاظ على الاقتصاد والسكان خلال الأيام المظلمة للوباء، وعندما نبدأ أخيراً في التفكير في الحياة بدون «كوفيد19» يجب أن نخطط أيضاً لنهاية هذه البرامج بتهدئة مدروسة ومنظمة.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»