يتخطى الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله وأمده بنصره - المجتمع السعودي بكل أطيافه ومكوناته، ليقوده بثقة نحو تحقيق أحلام طالما راودته. فهو القائد الذي طال انتظاره من أفراد الشعب السعودي، ليواصل مسيرة، بدأها المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه ومن خلفه من أبنائه، وآخرهم الملك عبد الله رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، والمدعومة بمطلب شعبي ملح على منحه الثقة والدعم اللذين طالما تبادلهما مع أبناء وطنه منذ توليه إمارة منطقة الرياض في بداية مشواره الوظيفي الممتد لنصف قرن، تلمس خلاله حاجات الناس وفهم تطلعاتهم، شاركهم أحزانهم قبل أفراحهم. ويعد الملك سلمان بن عبد العزيز أكثر ملوك السعودية خبرة وممارسة للحكم، إذا أضفنا خاصية ميزة مسيرة صعوده سلم الحكم. فهو تتلمذ على يد والده المؤسس، ثم حظي بثقة إخوانه الملوك: سعود، فيصل، خالد، فهد، عبد الله. كان قريبا منهم يستنيرون برأيه الثاقب ويكلفونه بمهام بالغة الحساسية وغير معلنة، في الداخل والخارج.
غصت ردهات وقاعات قصر الحكم في الرياض مساء أمس الجمعة بآلاف المبايعين لسلمان بن عبد العزيز ملكا للبلاد، وخادما للحرمين الشريفين، وللأمير مقرن بولاية العهد على سنة الله ورسوله. قلما تجد مسؤولا كبيرا بحجم الملك سلمان، يحظى بمحبة وقبول منقطع النظير من أبناء وطنه. هذا أحد أسرار جاذبيته المتألقة دائما؛ تواضع جم لا يسعك إلا أن تحترمه وتبذل كل جهد لإظهاره، وفي ذلك تكريس لنمط من سلوك القادة المتميزين في هذه البلاد مثل سلمان بن عبد العزيز، سيل عذب من المعرفة خليق بك أن تستطيبه، انضباط صارم بالوقت مقدر لك محاولة محاكاته. دعا إلى أهمية مشاركة الشباب في الأنشطة التي يقوم بها الكبار. ليس فقط لاكتساب الخبرات؟ بل لتذكير الكبار بأهمية تسليم الشباب زمام الأمور مبكرا، متى ما كانوا مؤهلين لذلك، يؤكد دائما أنه من الحكمة ألا نترك فجوة بين الأجيال، بجسور يجب مدها لتسهيل عبور الأفكار بالاتجاهين.. الخلاصة أنه يمتلك مفتاح نجاح هذه الأمة بمشيئة الله بخياله السياسي المصقول بفهم عميق للتاريخ؛ وهو لا يخبئه في جيبه، بل يضعه على المنضدة التي أمامه ليشاهده الجميع بكل شفافية.
ونظرا لفهمه العميق للقضايا المطروحة بعد خبرات راكمها عبر السنين في الشأنين الداخلي والخارجي؛ يقدم المملكة بوجهها المشرق والمتسامح الذي يعكس ملامحه شخصيا، وستكون نتائج ذلك إيجابية وغير مسبوقة.
زملائي كتاب «الشرق الأوسط» سبقوني بتناول هذا الحدث المهم على المستويين المحلي والدولي، وكانوا منصفين في تعليقاتهم حول مناقب شخصية سلمان بن عبد العزيز الفذة.
وقد لفت انتباهي قبل مدة من الزمن، ملاحظة قيمة طرحها الأمير سلطان بن سلمان على والده، وهي دلالة عميقة تؤكد نبل بيت الملك سلمان من الداخل. قال الأمير سلطان: «إن اعتزازنا وفخرنا بك يا والدنا أنا وإخوتي كمواطنين، مصدره تضحياتك الكبيرة وخدمتك الدؤوبة على مدى سنوات طويلة غير منقطعة. لأبناء هذه البلاد بكل إخلاص وتفان، وهو ما راكم أرصدة ضخمة من المحبة والاحترام يكنها لكم مواطنو هذا الوطن الحبيب».
إن حديث الابن مع والده بهذه الأريحية؛ ما هو إلا تأكيد لنشأة أبناء سلمان بن عبد العزيز على قضاء حوائج الناس، وهو ما تعلموه من والدهم الذي سخر حياته لخدمة الناس بشكل لم يسبقه إليه أحد على الإطلاق.
* كاتب ودبلوماسي سعودي